وكأنّ الألم وُلِدَ في جيناتي وأصبح جزءًا ملازمًا لحياتي، رفضَ أن يرحل ويجعلُني سعيدة للأبد قررَ يزورني ضيفًا ولكن ضيفًا ثقيلًا لا يودُ أن يحمل أمتعتهُ ويرحل للأمدِ البعيد.
تزوجتُ كي أنسى الألم ولكن الألم أبى أن يُفارقني رحلت من منزلِ أبي لعليّ أنجو من الجلادِ وما كان هروبي إلا من المعلمِ لتلميذهِ وكما تشدُ القاعدة في الغالب التلميذُ تفوقَ على مُعلمه!
منذُ وطأتي لمنزلِ زوجي لم أعرف معنى الحُب لم أريد ذاكَ الحُب الذي روتهُ الأساطير ولا دونتهُ الكُتب في طياتِها، فقط أردتُ القليل من الألفةِ والمودة المُعتادة بين أي زوجين ولكن ظني خاب لا فرقَ بينَ أبٍ جائر وزوجٍ أظلمُ مِنه فكِلاهما رجلين عُجِنا من ذاتِ التركيبة زوجي جاء مكملاً لأبي، نعم كان أبي جلادًا أرهقنا بمعاملتهِ كان قاسيًا في ردودهِ، غليظًا في تصرفاتهِ، قاضيًا جائرًا عندما يصدرُ أحكامهِ، إذا مسكَ السياط أبرحنا ضربًا، عندما جاء خبر خُطبتي ظننتُ أنّ الفرج جاء وأنّ العصفورة على وشكِ أن تطيرَ بحريةٍ في السماء بعدَ عقدين من الزمنِ في وسطِ جحيم وقسوة أب، في لحظاتٍ كثيرة كُنتُ أشك أنهُ زوج أم ولكن للأسف ما كان سوى أبي الذي أنجبني من صُلبهِ!
زوجي البطلُ المغوار الذي تفوقَ على معلمِه في المهارة كانَ زوجًا لا يعرفُ من الزواجِ إلا جسدًا كنتُ في كل مرةٍ يقودني بِها إلى الفراش كأنهُ يُعيدُ اغتصابي للمرهِ الأولى لم أكن سوى مُغتصبة يتمزقُ كل جزءٍ منها كما تمزق غشاءُ بكارتها ولكنّ ما زال قلبي بكر أرى عفتي في قلبي مهما حاولَ أن يشوهني ذاكَ المغتصب سأظلُ طفلة لم تقوى على شيء سوى الاستسلام بخنوعٍ تام، كنتُ أرى في عيناه وحش أبي لم أتخلص من الكابوس لأجلب لنفسي أبشع منه ولكن لن يستمر ذلكَ للأبد.
بعدَ عامٍ كامل من خطيئةِ زواجي قررت أن أصحى من غيبوبتي إلى متى سأظلُ أتحملُ الألم؟!
إلى متى سأظل اشاهد جنازتي أمام عينيّ!
أمي كانت امرأة ضعيفة لم تستطع أنّ تتمرد على الظلم، لكن أنا لن أتبعها لن أنجب أطفالاً من رجلٍ مغتصب ولن أزيد المجتمع معاقًا آخر يقتلُ ضحيتهُ على شكلِ زواجٍ فاشل!
سأتمرد وسأعلن للعالمِ أنّي مُغتصبة على يدي زوجي
لن أنجو من الهرائات ولا من كلامِ الحمقى، فمجتمعي المرأةُ في نظرهِ عورة وصوتها سيجلبُ لهم العار وإن خرجت مطالبة بفكِ رابط الزواج الوهمي ستظلُ لعنة المطلقة تُلازمها حتى تموت، ولكنّي لن أَبه لذلك سأتحرر من هذا السجن وسأخرج إلى الحياة، لديّ شهادتي تكفي أن أكون بها حياة خاصة بي، لن أعود لمنزلِ أبي فذاك الجلاد لن يتوب أبدًا، سأدعو لأمي بالخلاص منهُ قريبًا.
في ليلةٍ من ليالي الربيع قررت أن يولد من داخلي ربيعًا آخر وتتورد الحياة لي من بعدِ أن كساها الشوك،
قتلتُ الموت في بيتِ المُغتصب وودعت كُل زاوية من الجحيمِ الذي عشتهُ هُنا خرجت إلى حيث لا أعلم فقط أريد الخلاص والنجاةِ من سجنٍ سيأوي بي إلى مشنقةِ الإعدام، مهما طالَ الألم لا بد يومًا أن نتحرر منه، الشجاعة تكمنُ بداخلِنا نحنُ من نُقرر متى نختار طوقَ النجاة ولكن عندما نسمح للضعفِ والاستسلام بالسيطرةِ علينا من الداخل لن نقدم على أي خطوة ولن نستطيع أن نقتل ما هو سبب أوجاعنا.
لكلِ امرأة أنتِ قوية بما يكفي لعيشِ حياتكِ بِلا رجلٍ جائر، العيش وحيدة على الطرقات أهون بكثير من العيش بظلمٍ في منزلِ جلاد،
كوني قوية وتحرري من الظلم أنتِ لستِ آلة ليفرغ بكِ الرجل طاقتهُ السلبية، أنتِ كيان ولكِ الحق في الحياة كالرجل لا تسمحي للساديون أن يدمروا حياتكِ،
كوني أنتِ أينما كنتِ!
إرسال تعليق
0 تعليقات