«أن تبقى» قصة قصيرة للكاتبة: أسماء عادل





هي البحر وهو السابح الهاوي لما في أعماق روحها، يعشق تفاصيلها الهادئة أحياناً والهائجة أحياناً أخرى؛ ألفها كذلك، وتأقلم مع كل صفاتها. تحبه أيضاً ! ولكنه أكثر. تظن ذلك أحياناً لأحتوائه وفيض حنانه، يحتضن غضبها بشكل يبهرها، متمكن هو منها، "كـ مايسترو" يقود مشاعرها بطريقة جنونية ومبدعة. في وقت غضبها؛ يحرك كل مشاعرها، حتي إذا وصلت لذروتها حينها يبدأ في نظرة محببة ثم في كلمات حنونة ليهدأها. إنه "يوسف" الوسيم؛ جميل في عشقه لها ورغم عيوبه التي تزعجها كثيرًا، غير أنها تعشقه بطريقة لا توصف، يعلم عيوبه تلك فلذلك هو يتقبلها وقت غضبها.
كيف وهي وردته الرقيقة مرام.
في ليلة قمرية جمعتهما فأباح لها بأنها محظوظ جداً بها؛ محظوظ لأنها كانت الباقية حين هجره الجميع، حين انتشر سوء سلوكه وتناوله المخدرات، ذلك المقطع الذي انتشر وهو غارق في ملذاته، كانت هي الأولى بتركه ولكنها توجهت بمقطع آخر لتريهم الوجه الآخر ليوسف؛ مقطع كانت تختزنه على هاتفها؛ تفخر بحنانه، تفخر بمساعدته للآخرين. أنزلت مقطع إنساني عظيم ليوسف يخرص تلك الأفواه المتربصة فيما لا يعنيها. ليوسف مكانته في المجتمع فكان ذلك المقطع بمثابة هدم، لتشويه صورة إنسان لا ذنب له إن تلبثه خطأ عابر.
تحدثت أنها خطيبته، تحدثت إن كان سئ بمثل ما جاء في ذلك المقطع لرحلت ولكنها باقية وإن رحل الجميع.
كانت تعلم أنه يدمن المخدرات ولكن ذلك ليس منذ زمن بعيد ولكن منذ أن كانت عائلته في حادث أليم، في مشهد يجرده من العقلانية؛ ثار، ضعف، اقترب منه صديق ليسحبه إلى بحر الشهوات ليغرقه معه، حتى لا يشعر بدنائته المتفرِّدة، وكانت فرصته ليفرغ حقده منه، فسحبه!
قالت مرام: إني لك، إني هنا معاك لأسير معك كل درب، لكن حين تتولى وأراك تغرق، فحبي لك يجعلني أتحرك، لأكون حصنك من كل شئ يحطمك.
بعد انتشار ذلك المقطع كان عليها أن تحرِّك مشاعره الطيبة من جديد، كان عليها أن تضع الحدود، وكان حدها؛ أن يعود يوسف لأحضانها متحررًا من كل عيب، مُتعلِّق بوصال الله كما كان أو أن تهجره، تهجره للأبد، أغلَقَتْ أمامه كل أمل، كان كلامها حاد بطريقة كان مقصدها أن تنجيه، لتصرف عنه كل سوء، فهمس لها بكلمات تهدئها،ثم رحل ليبدأ جهاده في صلاة صادقة.
في ليلة قمرية تحتضن السماء فيها النجوم، يمسك يدها؛ ليخبرها أنه عاد... عاد كما تريده، وكانت كل ما تريده أن يحسن إلى قلبها؛ مُخلِصًا، بريئًا كما أحبته أول مرة قابلته.
فنظرت له بحنان أفتنه وبنظرة فهمها أنها عنه راضية.
******
المؤلف: أسماء عادل.
الدولة: مصر.

إرسال تعليق

0 تعليقات