فصل من رواية «أحلام ثورة» للكاتبة المصرية: سلمى وليد
اسمها ثورة، قد يبدو الاسم غريباً، سماها جدها هذا الاسم لتكون تلك الثورة التي ستحرر البلاد من ذاك المُغتصب، لتهدي وطنها الحرية التي سُلبت منهُ، أكملت الثانية و العشرون من عمرها، تدرس في كلية الحقوق و طموحها أن تصبح تلك المحامية التي ستُعيد الأرض لشعبها، تشتعل كل لحظة ثورة بداخلها لتحرير تلك البلاد، دائما ما تشارك تلك الثورة التي تشتعل كل يوم أكثر و أكثر، لكنها لا تعلم أن تلك الثورات المشتعلة في الشعب منهم من انطفأ و انطفأ الأمل معه و منهم من يخش مشاركة تلك الثورة !.
اعتادت على المشاركة في الوقفات الاحتجاجية اعتراضاً على قرارات حكومة الاحتلال، لم تفكر قط في السلاح الذي ستحارب به هؤلاء الوحوش ذات الأنياب الذرية النووية !.
فهي تملك أسلحة أقوى من تلك الأسلحة، أقوي من السلاح الذي سيجعل البلد رفاتاً !
تملك الحق و الفكرة و الثورة، فهؤلاء تأثيرهم أقوى من الأسلحة النووية !
دائماً يراودها ذاك الحلم، الذي حزمت فيه ورقة للوحة طفل و ألوان منثور عليها قطرات دماء، و تعلن الثورة و لكنها كانت ثورة مختلفة، ثورة بلا أسلحة! بلا غاز مسيل للدموع أو غاز خانق!.
كانت تحمل طفلاً لا تعلم من هو و أين والديه ؟
ثم تستيقظ ولا يكتمل ذلك الحلم !
بداخلها إيمان أن ذلك الحلم سيفسره الواقع مع الأيام .
و تؤمن دائماً أن الشعب الفلسطيني جبل بركاني، سيثور يوماً ما، لذلك هي عضوة في جماعة المقاومة .
في يوم ملئ بالأحداث، يوم تعالت فيه صرخات الشعب و اكتسب كل طفل فلسطيني مشهد دموي جديد في ذهنه، تزايد فيه عدد الشهداء، استيقظت ثورة من ذاك الحلم و علمت بإعلان جماعة المقاومة عن القيام بوقفة احتجاجية؛ لقصف منطقة رام الله في غزة .
بدأت الوقفة بقراءة الفاتحة للشهداء، ممتزجة بصلوات المسيحيين .
دخل ظابط من الظباط التابعين لمنطقة بيت لحم لمهمة فض الاحتجاج قائلاً :(ألم تملوا من تلك الوقفات ؟ افعلوا شيئاً أكثر إفادة من هذه الوقفة! لماذا لا تذهبوا لكسب قوت يومكم أسهل؟ ألم تقتنعوا أننا يمكننا فض تلك الوقفة في ثلاثين ثانية لحفاظنا على الوقت و أنتم تهدرونه هكذا!) و بدأ العد لعشرة حتى ينفض التجمع، فلم يبالوا؛ فبدأ بإطلاق رصاصات البنادق في الهواء و بدأ الكر و الفر ...
أخذت ثورة مسرعة في تجميع المنشورات و ذهبت إلي مقهي في منطقة قديمة بالقرب من بيت لحم، كان يطاردها جندي إسرائيلي، اختبئت في تلك المقهى، فسمعت رجل يقول(هذه ليست كتيبة حرب، نود أن نعيش لا أكثر، نود أن نكسب قوت يومنا ، إذهبوا و اختبئوا في أماكن أخرى )
خرجت ثورة مغطاة بعفرة الحرية، و خرج فتى مغطى باللامبالاة، قائلاً لها : (ما الذي يحدث؟ و ما الذي أتى بكِ إلي هنا؟
إرسال تعليق
0 تعليقات