«محاولة جادة للنسيان» خاطرة للروائية المصرية: فدوى حسن




يأتي ليلُ الرياضِ
تصحو الأوجاعُ دفعةً واحدةً
شوقٌ للبيتِ والصغارِ والأهلِ والجذورِ
نبشٌ في الذكرياتِ والماضي 
هناك في القريةِ، 
عند ميدانِ التحريرِ، 
وبرجِ القاهرةِ، 
آهاتُ امِّ كلثوم 
وضاع الحبّ ضاع
ما بين عند قلبي وقلبك ضاع
بائعةُ الفلِّ ورائحةُ المطرِ ودفءُ حُمّصِ الشام
صوتُ وردة 
وحنين حنين حنين
انا دايبة فيك حنين
أحاولُ الهروبَ،
والهروبُ وَجَعٌ آخرُ 
الرياضُ مدينةٌ عصيّةٌ
تفتحُ أبوابَها للغرباءِ
تُنسيهم النسيانَ
(ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد...
لقد زادني مسراك وجدا على وجد)
وأنا حزينةٌ يا بيدَ نجْدٍ
أنا حزينةٌ يا ليل نجد
لا وطنَ لي
ولا بيتَ
لا أحدَ يسمعني
باحاتُ دُورِهم بعيدة..بعيدة
تتوه أنفاسي قبلَ وصولِها
نشيجُ بكائي يعلو دويَّ السياراتِ
دموعي ملأتْ أوديةَ نجْدٍ
أُحايلُ كلَّ شئٍ للنسيانِ
البرَّ، 
السهولَ 
الرمالَ
حتى الخيام
دون جدوى
وأثناءَ القيادةِ
أتعمّدُ كسْرَ الإشارةِ
علّي أنشغلُ بشئٍ يتكسَّرُ
غير قلبي
........
فدوى حسن
الرياض 2020/7/18

إرسال تعليق

0 تعليقات