سُريالية _ خاطرة لرمضان سلمي برقي
ما بين عالمي وعالمها ستار أرق من شعرة رأس طفل ولد توّاً!
يمكنني تمزيق حجبه بكل سهولة؛ ما عليّ سوى إغماض عيني، ثم التفكير فيها، وسأرى وأسمع، سأشتم وسأتذوّق...
- معجب بك!
ولكنّها تعجّبت:
- كيف ونحن لم نرَ بعضنا أصلا؛ لم نتكلّم، لم لم لم...
من قال أننا لم لم لم...؟!
بل نعم نعم نعم... اسألي نفسك؟
ألم تكن أرواحنا متحابة قبيل خلق أجسادنا! لا تتذكّرين أليس كذلك؟ لقد علقَت ذكريات ما قبل الحياة خاصتنا بحواف معبر الأرواح الضيق؛ هناك في النور الأبيض البهيج!
تسألينني كيف تذكَّرتُ أنا! ربما تقارب أرواحنا هو ما ذكّرني.
اسمعي؛ فقط إغلقي عينيكِ وفكِّري بي؛ سترين وتسمعين، ستشتمين وستتذوّقين...
ذلك أننا التائهان بعد فقدان ذاكرة ما قبل الخلق...
ذلك أننا التوأمان وإن تشابهنا في القليل...
هبك أغمضت عينيكِ ثم نفّذتِ! ماذا يضير؟
***
أمطار الشوق؛ تتلألأ بزخّاتها صورة لوجهك...
وجهك الحزين! لِم الحزن؟
في الضباب؛ أغربة سوداء ناعقة؛ تهبط على جسدي المقرّح؛ تتخطف نسائله، وتحط بهم عِندَكِ، هناك على شاطيء البحيرة الملعونة من الرب منذ آلاف السنين؛ ولكنك لا تكترثين!
تتلاشى دوّامات الضباب الأزرق الشائكة عن جسدكِ الرقيق المتجاهل لنظراتي... لِم التجاهل؟
مُدي يدك لأغربة قابيل.
جمِّعي نسائل جسدي المُضرجة بالدماء...
أخلقيني من جديد؟ كمسخ "فرنكنشتاين" أو كمسخ لطيف!
كوني حواء ولا تبخلي؛ اخلعي ضلعًا أعوجًا من جسدك الهزيل، ولُفيه بنسائلي ولا تبالي.
مري البحيرة اللعينة أن تنفخ فيّ الحياة..
قولي: كن شيطان مريد؟
كن قريني الذي نبذته الجحيم؟
قولي أي شيء، فقط لا تصمتين؟
هشي الأغربة إن كانت تزعجكِ، ومريها ان تلقي بنسائل جسدي بكل واد سحيق..
واثق أن البشر فوق كل نسيلة مني سيبنون لي ضريح...
سقدسني الدراويش، وسيركع لي الجاهلين، وستتبول على أعمدة ضريحي الكلاب والمجاذيب...
سواك؛ في محرابكِ -بعيدًا- معبودة تنعمين بترانيم المنافقين.
وهالة القداسة من حولك تلفحك بنارها كل حين.
سأرسل لكِ رسلي بقِطَع قلبي وبالوتين؛ فويل لك إن كذبتِ المرسلين! إن أتوكِ فلتراقبي وتيرة دقّات قلبك وأنّاته... ربما حينها تهتدين!
إرسال تعليق
0 تعليقات