«بيشوي عبدالمسيح ناشد» يكتب: "٢١ شارع قلبي، كياني"







أنا اعيش هنا في شارع قلبي، أنا احد سكان، أو نبضات، هذا الشارع؛  بدأت الحياة هنا منذ بداية هذا الشارع، فأنا، ان جاز التعبير، احد مؤسسيه.

بدأ هذا الشارع منذ ثمانٍ وعشرين عامٍ، منذ بداية هذا الكيان

وقد كان من اهم شوارع الكيان، او مشاركًا الاهمية مع شارع ذهنيأهمية هذا الشارع تكمن في ان كل شئ يجب ان يمر من خلاله قبل الوصول لباقي الشوارع.

ازمة هذا الكيان تكمن في الصراع الازلي بين شارع قلبي وشارع ذهني هما لا يقللان من أهمية احدهما الاخر، بل على العكس، فان كل منهما يقدر دور الاخر في حماية هذا الكيانوباقي شوارعه.

ولكن المشكلة تكمن في مسئولية صنع القرار فيما يخص القادمين من كياناتٍ اخرى فسكان (او نبضات)شارع قلبي مفرطين في دعوة سكان كيانات اخرى اما سكان (او افكار) شارع ذهني فدائمًا كثيري الحذر من اي تغيرات في كل الكيان مُرجحين فكرة ان "اللي نعرفه احسن من اللي منعرفهوش"

على اية حال هذا كان الحال دائمًا، غريب يأتي لشارع قلبي فيطرده شارع ذهني قبل ان يبني له بيتًا حتى قدوم هذه النبضة الغريبة من ذلك الكيان الغريب.

اتت هذه النبضة وكما هو مُعتاد مرت على شارع قلبي اول شئ لتتلامس وتتلاحم مع نبضات الشارع،حتى انك تشعر بأنها نبضة قديمة كانت مغتربة عن شارع قلبي منذ بدايته

بدأ الحماس يدُب في النبضات حتى اتخذوا قرار، ولاول مرة، بناء مبنى اخر في هذا الشارع، ليكون عنوانه٢١ شارع قلبي، كياني. على اية حال، كان ضروريًا على النبضات ان تحصل على تصاريح البناء من مبنى الكيان في شارع ذهني. 

وهنا كان الصراع، نبضات تطلب دخول ساكن غريب الى الكيان، وافكار ترفض وبشدة مستندة الى ذكرياتالكيان في كل مرة يدخل ساكن جديد.

و"اللي زاد واللي غطى" ان هذا الساكن سُيبنى له مبنى ويقيم، غالبًا، للأبد وصل هذا الصراع الى قضية في المحكمة، وإلى الاحتكام للقاضي الاعلى للكيان وهو "انا".

وها قد اتى دور القضية ونودي عليها وعلى الخصوم، القلب والعقل.

العقل: بصفتي عمدة شارع ذهني، اريد ان انوه ان سكان الشارع (الافكار) لا يقللون البتة من اي من سكانباقي الكيان كسكان شارع دمي، وشارع الاعصاب، وشارع المعدة والخ الخ، وخاصةً شارع قلبي فنحن هنا نساعد احدنا الاخر ولا يمكننا التخلي عن ايٍ منا مهما حدث ولكن سيدي القاضي، هنا تكمن المشكلة، فان ترابطنا في هذا الكيان مهم لدرجة انه اذا تأذى احدنا فقد تأذىالجميع، وسيدي انت تعلم هذا جيدًا بالتأكيد، ولهذا اطالب بوقف بناء مبنى ٢١ شارع قلبي وعدم التخطيط لبناءه تمامًا.

وشكرًا لسيادتكم على الاستماع والانتباه الكامل لكلامي.

القلب: سيدي الرئيس، انا لم اتي هنا لاطالب ببناء في شارع قلبي الذي اتولى عموديته، ولكني اطالبببناء في كل شارع

فالقلب وحده لا يكفي لمشاركة ذلك الكيان.

العقل: انت مش بس عايز تتبهدل لوحدك، انت كمان عايز تبهدلنا معاك.

القلب: لا، انا عايز شخص تاني نشاركه حياته ويشاركنا حياتنا؛ انا وانت وباقي الكيان واحد، مش هينفعواحد فينا بس اللي يشارك، لازم الكيان كله.

العقل: انا خايف، انا كمان عندي مشاعر مش بس افكار، انت عارف كويس حصل ايه كل مرة حد جديد دخلالكيان

القلب: عارف كويس وفاكر كل التفاصيل، انا كمان عندي افكار مش بس مشاعر. بس المرة دي مختلفة وانامحتاجك تشوف فكرة من الكيان الجديد مش بس انا اشوف نبضة

العقل وقف صامت، ينظر بعيدًا وكأنه يستعيد ذكرياته ومخاوفه ويستعيد ايضًا الم وحدة افكاره.

فقال: اللي يحكم بيه سيادة القاضي .

انا: حكمت المحكمة بالتالي؛ وقف بناء مبنى ٢١ شارع قلبي، على ان يتم التعايش مع نبضة ذلك الكيان الجديد.

ويتم هذا متوازيًا مع استقبال شارع ذهني لفكرة من ذلك الكيان. ويؤَجل الحكم في هذه القضية الى ان يتم الاتفاق بين القلب والعقل فيما يحل بالكيان الجديد.

واكمل قائلًا: ويكون في علمكم انتو الاتنين، انا كمان بعاني من الم الوحدة.

رُفعت الجلسة.


إرسال تعليق

3 تعليقات