الكاتب اليمني «رامي مطيع حمزة» يكتب: سجين ينتظر الفرج!


الخوف من المجهول.
عقارب الساعة تشير الى 00 : 8 مساءً بتوقيت مدينه بانجلور الهندية تحديدا في منتصف شهر مارس حينما تم الاعلان عن اول ايام الحجر المنزلي .التقيت به في اسفل الشارع بينما هو يمشي واضعا عمامته على راسه ويحدث نفسه ويتمتم مع حركات يدية ، علامات الهم تملى وجهه الذي بداء يظهر عليه علامات الشيب رغم انه يبدوا في منتصف العمر ، استوقفته وانا أناديه بلهجة يمنية ( يا عزي مالك تكلم نفسك ) نظر الي وابتسم ابتسامة كاذبة لا توحي الا بحجم علامات الاستفهام التي في داخله ، ثم اطرق قائلا .هل سمعت بالخبر الجديد ؟ اومأت برأسي بالنفي، وقلت له وما هذا الخبر الذي جعلك تحدث نفسك وانت ماشيا في الطريق؟ اجاب بنبرة صوت حزينة وهادئة الحضر يا ولدي سيبدأ من يوم غدا ومن المحتمل ان لا نستطيع العودة الى اليمن كيف سنعيش في هذا البلد ؟! كيف؟ شعرت بالحزن وانا اسمع كلماته تهمس في اذني ولم استطع الرد ذهبت بعقلي بعيدا وبلمح البصر اجد نفسي في اليمن اقلب اخر لحظات وداع السفر ودعاء الاهل بالعودة سالما مع بعض الدموع التي كانت تنهمر وكأننا نساق الى الموت، كان اخر شخص ودعته من عائلتي هو وليد الولد ذي السبع السنوات تذكرت كلماته يقول مع السلامة خالو ان شاء الله تعود بالسلامة. ابتسمت وشعرت بشيء يدفعني للبكاء فتحت عيني بقوه حتى لا تسقط دمعه امام وليد يشعر حينها بالحزن وقلت له ان شاء الله يا ولدي . ماهي الا لحظات حتى عاد الرجل يكرر سؤاله بصوت عال هل تسمعني كيف سنعيش في هذا البلد ؟
حاولت تهدئته محاولا التخفيف عنه لا عليك هي ايام قليله وتنتهي اسبوعان لا غير حتى يتم السيطرة على الوضع لكن دون جدوى . " اسبوعين" قالها بابتسامة ساخرة  انت تفهم حتى اليمن علقت الدراسة واعلنت اجازة واغلاق المرافق ومنع التجمعات قالها بصوت عال ثم انصرف متمتما لا اعرف ماذا قال . 

دقة ساعة الصفر

قاربت الشمس على المغيب، الدكاكين مغلقة، الهدوء يسود المكان ، الشارع شبه مغلق لا وجود لأصوات وقع أقدام الأطفال وصراخهم ، الصمت يعم المكان عدا نباح كلب ذي جسم مهترئ يكاد صوته ان ينتهي. فجأة اذا بي أسمع أصوات صفيق وجعجعه وكأن حشد يمشي في الشارع نظرت الى ساعة هاتفي كانت تشير الى 5:00 مساء فتحت باب الشرفة التي تطل على الشارع السكني في الحي رقم( 13).. اجد الناس وقد خرجت الى شرفات المنازل تصفق نساء ورجال واطفال مصدرين اصوات ملئت المكان وبددت ذاك الصمت ، لم اعرف لماذا كل تلك الفرحة ولا كيف عرف الناس التوقيت للخروج والتصفيق الا في اليوم التالي حيث كان اعلان من الناس بالتزامهم بالحجر ونجاحه في اول أيامه .
جلت بنظري في المكان، اتفحصه بعناية كما لو أنني أراه لأول مرة لفت انتباهي ذاك الرجل الذي قابلته البارحة جالس في الطابق الارضي وينظر الي ويقول   " ما هو هذا الجنان " ضحكت بصوت عالي وقلت له بدأت اثار الحجر المنزلي تأتي ثمارها من اول يوم .
في صباح اليوم التالي التقيته في اسفل باب العمارة التي نسكنها وهو قاعد على كرسي بلاستيكي يغني اغاني قديمة للفنان ايوب طارش . سلام الله عليك يا حاج القيت علية التحية بادلني نفس التحية بابتسامة جميلة علت جبينه زادت من تجاعيد وجهه الذي كان يبدوا علية اثار التعب وتقدم السن.
سألته اي ريحا طيبة جاءت بك تبسم ورد علي انا هنا اسكن في الغرفة رقم 2 من اربعة شهور قلت له اذا فنحن جيران فانا بنفس العمارة الطابق الثاني رحب بي وقال اجلس وعاد يغني يا مروح بلادك ليل والشمس غابت للفنان الراحل ابوبكر سالم . اكمل اغنيته وقال لي انه الشوق الى الرحيل للوطن ولكن ما في اليد حيلة اني سجين منتظر الفرج . 


إرسال تعليق

0 تعليقات