هاتفني زميل سابق لي لم التقي به منذ قرابة السبع سنوات، نعم سبع سنوات بدون لقيا، فقط وسائل التواصل الإجتماعي هي من يربطنا بعد أواصر الصحبة، وحق الزمالة وقبل ذالك كلما ذكرته حدثتُ الله عنه وهو الذي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، ابدا في سرد مزايا زميلي لربي وأخبره أن صديقي ذو القلب الحنون والروح الطيبة يحب الخير ويعمل بجد واخلاص، لا يتفانى عن خدمة الآخرين كلما سنحت له الفرصة، يعطي دون انتظار شكر أو ثناء، كلما احتجته وجده حاظر، وان احكي لربي خصال صحبي انهالت الدموع من عيني كأنها تعاتبُني على طول مدة الغياب، لست ادري اهي دموع الشوق والحنين، ام دموع الغربة والأنين.
في تلك الجمعة كان مسائي معتم حتى تلقيت تلك المكالمة التي بدئها ذالك الزميل:
مساء الخير
معة مباركة
مساء النور
على الجميع
كيف صحتك
الحمدلله
مال صوتك مبحوح
لا شيئ
قلب موجوع وروح حزينه وبال شارد وخاطر مكسور
معقول أكل هذا وتقول الحمد لله
نعم الحمدلله
الحمدلله فالقلب سقيم والروح عليل والجسد بينهما ضرير
لماذا كل هذا أهو الحب والفراق
لا انه ما بين عشق الصمت وحب السكون
ايعقل أن يفعل بك كل هذا
نعم يا صديقي
أنه كبرياء الألم ولذة العذاب
أي الم وأي عذاب ماذا بك اليوم
ما بي
انا يا صاحبي شريد اتسكع في دهاليز الكلمات وبين سطور الجمل اتنصت على المضمون علي أجد بين تلك الصفحات ما يؤنس وحشتي في ليل خالي من كل شيء سوء نباح الكلاب وضوء النجوم
ضحك وفلسفة انه بداية الجنون
لا لا يا صديقي بل قل انه نهاية البداية
أي بداية وأي نهاية اجن عقلك
جن عقلي من تناسق السياق وتتابع السرد وانسايب المعاني التي تنهال على الورق الأبيض كأنها الورد في خدود الغواني
يالهي ايعقل ان يصل بك الجنون إلى هذا الحد
ضحكت وقلت له تمهل يا صديقي فالسهرة طويله والكلام شيق والضوء الخافت يضفي رونق الجمال على جدران الغرفة كما يضفي الأديب أنفاسه في أحضان رواية وعلى شفاة القصة يلقي بقبلة النثر العطري
انا يا صديقي كاتب وجد نفسه يوما ما خارج المتون وشاعر لم يجد ضالته بين القوافي ومغني غرق بين أنغام الاغاني
انا يا صديقي حبر جف على ورق حريري كلما كتبت ازالني الوقت وعفى عليا غبار الزمن
انا يا صديقي كون فسيح ضاقت به نفسه كل ما فيه لا يصلح للعيش
انا يا صديقي مطر وغيث لكن في صحراء قاحله لا تنبت إلا شوكاً ويقطين
صرخ زميلي قائلاً هي هي تمهل لماذا كل هذا الشؤم لماذا كل هذا النقد لماذا كل هذا الظلم
ضحكت وقلت ليس ظلم بل ظلام ليس شؤم بل واقع ليس نقد بل حقيقة
قال لي كفى حلفتك بالله كفى لقد اثخنت الجراح
جراح نسيت أن أقول لك أنني أيضاً سفاح حروفي سكاكين تذبح وكلماتي سيوف حادة لكن تقتلني في داخلي وتذبح فيني كل جميل
صديقي حتى لا أُطيل عليك اعتقد ان الغربة والوحدة والحجر المنزلي إضافة إلى ضغوط البحوث وكتابة الاطروحة هي من سولت لي ان اقول كل ذلك
أجابني لا عليك، كان الله في عونك يبدوا أن الوقت متأخر عندك، لنا تواصل آخر باذن الله
رددت عليه نعم انها الرابعة فجراً تصبح على خير يا صديقي
وانا في نفسي اتمنى أن لا تنتهي المكالمة بيننا حتى لا اعود الى الوحدة والملل الذي صرت اخاف ان اصحى من نومي على نفس الروتين والحياة.
بقلم د. رائد محمد علي الدعور
اليمن
إرسال تعليق
0 تعليقات