أشرف الزبيري يكتب: صديقي الجميل _ شجرة العائلة من الحب للكراهية والشتات



صديقي الجميل

   صديقي الجميل، يقولون بأن الصداقة اندثرت في زمننا هذا، وحل محل المودة والحب، الزيف والنفاق، يقولون بأن كل المعاني الجميلة التي كانت تجمع بين الأصدقاء صارت تطغى عليها المصلحية، وأن الصداقة صارت مجرد مظهر خالية من أي صِدق، يقولون بأن الغدر كَثر بين الأصدقاء والشر أعمى البصائر والغل والحسد والكره أسقط الأقنعة، يقولون أن الحب بين الأصدقاء صار مجرد حلم وتمثيلية، كل تعميم يا صديقي هو تعميم خاطئ يُسْقط على التجارب الشخصية، في أماكن ما هناك أصدقاء أنقياء جمعهم الحب والتآخي والمودة وألِفت الروح الروح حتى أضحيا روحا واحدة إذا شكت الروح الوجع انتقل الوجع في سائر الروحين، وإذا عم الفرح باتت الروحين في فرح، البُعْدُ اشتياق، والوصال أُلفة وزيادة في المحبة، وفي الغياب حفظ للنفس والأسرار، وفي الشدة والمواقف تظهر قيمة الصداقة حينما لا يبق أحد تبقى أنت... صديقي الجميل أنت الأخ والرفيق والصديق والسند، ــ" أنت صديقي الوحيد الذي في قلبي، ورغم غيابك عني ستظل صديقي الوحيد الذي أحبه ــ" ، صديقي الجميل أنت من أستطيع أن أخبرك بكل ما بداخلي بكل أريحية وعفوية دون أن أنتبه للكلمات، أنت صديقي وصادقي وصدقي، والكتف التي أستند عليها عند كل منحدر، كلٌّ يمضي ويزول وتظل شمعة في قلبي مشتعلة...

شجرة العائلة من الحب للكراهية والشتات:
شجرة العائلة، الدافئة بأغصانها، المُلتحمة بأوراقها، القوية بجذوعها والتي تقف على أساس متين، التي تهبنا الحب والحياة.
  تغير نمط الحياة فتغير معه كل شيء، تغيرت القيم والمعاني وتغيرت المفاهيم، وتغيرت العقليات، وبات كل شيء مباح ومستباح في زمن سريع  وضبابي، اسودت القلوب وتشيطن الإنسان وأصبح إبليسا لا يُشقّ له غبار، ونخرت السوسة قلوب الأحباء قبل الأعداء، فبدل أن تخاف من عدوك مرة، عليك الآن أن تخاف من أحبائك ألفي مرة، فالعدو يُجاهر بعدوانيته أما المحب فيُخفي في قلبه خنجر طعنته قاتلة، آه ما أصعب الغدر الذي يأتي من الأحباب، من وضعتهم في مكان أعلى، وبنيت لهم في قلبك سكنا، أي زمن صرنا نعيشه، الإخوة لم يبقوا إخوة، والأعمام لم يبقوا أعمام، والأخوال لم يبقوا أخوال، والعمات، وأبناء الأعمام، وأبناء الأخوال، وأبناء العمات، والخالات، وأبناء الخالات وقس على ذلك... وفي الواقع آلاف الأمثلة الصادمة، لم يبق في القلوب متسع للحب والتآخي والمودة، لم يبق متسع للتسامح والحضن الدافئ، لم يبق متسع للتلاحم والتفاهم، لم يبق متسع للصدر الحنون والرحب، لم يبق متسع للمناسبات والولائم والتجمعات في الأعياد وغير الأعياد، في المرض والموت، في الفرح والقرح، طَبَعَ الشر على القلوب وأحكم قبضته عليها، واشتعلت نيران الحقد والكراهية، وأحرقت نيران الشر كل المعاني الجميلة وأطفأت لهيب الحب المشتعل بين الأحباب، أحكم الطمع والشجع وهموم الحياة قبضته على القلب، وغيَّبَ الرزانة والحكمة ورجاحة العقل، فطغت الكراهية بين من هم من صُلب واحد، من شربوا حليبا واحد،  من هم من شجرة واحدة، وتنكر الحبيب لحبيبه واشتعلت نار العداوة، من أجل أشياء زائلة وتافهة، فانقطعت الأرحام واحترقت قلوب الأمهات، وتهدمت أواصر القرابة، واستحكم الشر واستقوى، فمتى ستعود شجرة التين العظيمة لتُعطي ثمارها بسخاء، وتُزهر بحب.



إرسال تعليق

0 تعليقات