سميرة عبدالله القيسي تكتب: علم الجمال!

 



إن الجميل ترتاح له النفس، وينشرح له الصدر أما القبيح فينشأ عنه شعور يؤلم.

 أو نفور قال نيتشه " كل ما كان قبيحاً يضعف الانسان ويقبض صدره؛ إذ يذكره بالانحطاط والخطر والوهن. فإحساس الانسان بشيء من الضيق يؤذن بحدوث شيء قبيح وقد ذكرنا أن الجميل ترتاح له النفس، ولكن ليس كل ما ترتاح له النفس جميلاً؛ ذلك لأن اللذة التي تحدث من الجمال نتيجة تأثير في العقل بواسطة الحواس ولست أعني كل الحواس، وإنما أعني الحواس الراقية، وهي حاستا السمع والبصر، فليس كل ما يلذ لحاستي اللمس والشم دائماً جميلاً، فلا شيء من الجمال في فاكهة لذيذة عند أكلها، ولا في مطعوم عندما نطعمه؛ إذ لا يوصف ذوق تفاحة ولأشم مشموم بأنه جميل، وإنما يقال طعام مستطاب، ورائحة طيبة. 

والجميل أيضاً يغاير النافع؛ فإن الشيء الجميل حقا الذي يمنحك لذة لا تكافئها لذة بالتأمل في محاسنه، أو بالإصغاء إلى تناسق نغماته ، ليس بنافع عادة ـ أعني أنه ليس بنافع مادياً وإن كان من المحتمل أن يكون نافعاً، من الوجهة الأدبية ـ وما يحدث من اللذة والسرور عند التأمل في الجمال مقصود لذاته لا لشيء آخر وراءه يرغب فيه ، وقد كان الفيلسوف الألماني "كانت" أول من أبان أنه مقصد لا وسيله لغيره .والسمع والبصر اللذان يعدان أعظم الطرق في العقل هما العضوان اللذان يوصلان إلى المخ أو إلى المركز العصبي كل التأثيرات التي تحدث من التأمل في اللون والشكل والهيئة والحركة ، علم الجمال ـ وإن شئت فقل :" علم الجميل " هو علم يبحث في الشعور والإحساس واللذائذ التي تبعثها مناظر الأشياء الجميلة . وهذا التعريف لا يسلم من النقد إن لم يكن خطأ محضاً؛ فإن هذا العلم لا يبحث في الجميل فقط، بل يبحث في القبيح أيضاً ، كما أنا إذا تكلمنا عن "علم الحروب" فلسنا نعني علم النصر وانما نعني علم الحركات الحربية التي ينبغي أن تؤدي إلى النصر ، وربما إلى الهزيمة . 

   .... من كتاب مبادئ الفلسفة ترجمة الدكتور أحمد أمين ..

                                                                               سميرة عبدالله القيسي 

إرسال تعليق

0 تعليقات