«رهف ضمرة» تكتب: المخاض!

 



أمضت امل ليلة طويلة وهي تتمزق من شدة الألم ، كان مخاضًا صعبًا ،او كما وصفته أمل كان أشبه بالموت ، كانت أمل تعمل في مهنة الخياطة لتعيل نفسها  وزوجها  العاطل عن العمل ، كانت دومًا تقول في سرها لو أنني بليت بزوج عاجزٍ ، أو ترملت وأنا في هذا السن خيرًا لي ، من أن أعيش مع شخصٍ أمضى حياته في السُّكر والعربدة ، والسرقة والنهب ، كانت تقول لجارتها التي تقطن في الحي المجاور لها ، اتصدقي يا هيا إن أخبرتك إنني أوصل الليل بالنهار واليوم بالآخر ! لأحيك قميصاً لهذا ، او أخيط رقعةً لابن جارتي المطلقة التي رأت من زوجها أصنافا وأنواعا من العذاب لا تكاد تعدّ ولا تحصى ، وفي نهاية الامر  تزوج عليها وتركها هي واولادها تجابه معترك الحياة ، فكنت أخيط لها ما تطلبه دون مال ، لا ادري ربما فعلت ذلك لأن واجبي الانساني والاخلاقي يحفزني على التعاطف معها ، او  ربما لأنني أرى بعينيها انعكاس صورتي و ماضيي وحاضري ومستقبلي ، كنت دائما اقول أن هذه المرأة  تشبهني إلى حدٍّ كبير ، فزوجها مثل زوجي أو أدهى وأمر ، وأن اولادي يعانون الفقر وقلة الحيلة كأولادها ، لا انسى اليوم الذي عاد به احمد من المدرسة يبكي بين أحضاني  ، ويردد بصوتٍ مخنوقٍ أمي أمي  الفقر يا امي لا استطيع تحمله ، صديقي اليوم قال لي : امام الملأ ، ما الفائدة من كونك متفوقا في دروسك ، وأمك تعمل في الخياطة ، وأبوك  بلا عمل ولا سمعةٍ ، أمضى حياته في  الاستيلاء على مال هذا وذاك ،  كانت كلمات الفتى الصغير كالسيف الذي يغرز في أعماقِ قلبي  ، امضيت الليلة وأنا ابكي وأحيك فستانا لوالدة الفتى الذي جرح قلب طفلي ، اتراه النصيب ، ام هي قلة الحيلة ، لا أدري ، في الفترة الأخيرة اقتنعت بأن ما يحدث معي ومع أبنائي هو ضريبة الفقر ، نعم ، عليك ان تكون الحلقة الأضعف دائما لكونك الأفقر ،

التقطت طفلتها الثالثة  بشيء من الشوق والحزن والألم  ، قالت الممرضة لها : أين  ابا الفتاة ، لكي يباشر لكِ ولطفلته بإجراءات الخروج من المشفى ، اصفر  وجه امل وقالت بحزن : إن أباها أباها ...... 

بقلمي: رهف ضمره














إرسال تعليق

1 تعليقات