«فريد المصباحي» يكتب: النصَّاب!

 



ركِب سيارَتهُ الفارهةَ وهو يُتَمتمُ :

" سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين "

فتح لها الباب الأمامي لتَركَب هي كذلك ، قبل أن تفعلَ تذكّرت القرصَ المُتضمّنَ لأدعيةٍ ودروسٍ إسلاميةٍ ...

عادت على الفورِ فقامت بوضعِه في المكان المناسبِ ...

بدأ الوعضُ والإرشادُ والدعوةُ  مع تلاواتٍ قرآنيةٍ خاشعةٍ مؤثرةٍ ...

وهما يتحدثان عن إبنهما الوحيد الذي يكمِل دراستَه في الجامعة ،

كل منهما همّهُما مصاريف الساعات الإضافيةِ والمسكن والطعامِ والشراب  ...

قال زوجها لا تهتمّي فنحن لا نَبني حيطاناً بل نستثمر في إبننا الوحيد وأملنا كبير في أن يحصلَ على وظيفة مناسبةٍ ليُعلي بها شأننا ونرفع به هامتنا أمام الناس ...

إتجها نحو السوق الممتاز لاقتناء ما يحتاجه الإبن ثم العُروج نحو الجامعة ...

إنتقل بهما الحديث إلى قضاء العطلة في مكانٍ مناسبٍ وراقي ...

وهذا يمثل بالنسبة لهما رمزاً للسعادة ونموذجاً للحياة ...

فقضاء العطلة الصيفية من الأولويات ، ولا بد من وضع برنامج خاص يمكن لهم من خلاله قضاء وقت ممتع ...

وصلواْ إلى سكنى إبنهما فنزلوا للإطلاع على حاجياته وتوفير ظروف ملائمة للدراسة ...

أدخل الأب يده في جيبه ليعطيه مبلغاً من المال الذي يكفيه لأسبوع أو أسبوعين ...

عادا بعد قضاء يومين بجوار الإبن ...

كانت الرحلة شاقة فخلدا للنوم بدون صلاة الظهر والعصر والعشاء ..!

قام الأب من نومه متوجهاً نحو مقر العمل ، فتح الباب وهو يدعو بدعاء التيسير والرزق  ...

بدأ في العمل وهو يفكر ويُخطط بشكل كبير كيف سيوفّر المال لتغطية حاجياته الكثيرة من كراء السكنى والجولات السياحية ومصاريف الولد وتوفير قدر كبير من المال للمستقبل ...

يبدأ مراحله الأولى من العمل بالحديث الطويل مع الحضور عن نفسه ، إما بكثرة الشكوى من الفقر والخصاص والمعاناة أو عن قلة ذات اليد ، يسرد قصصاً من أختراعه بهدف إثارة وتشتييت إنتباه الشخص المستهدف بكثرة الكلام والإنسجام والتركير على الجانب المادي وإظهار جانب التعاطف مع أشخاص معينين والحديث عنهم بحجة الخصاص والحاجة ويعتبر نفسه منهم كحيلة مدروسة ، يدري كم هم في حاجة إلى المساعدة فيبدأ في رواية قصص من اختراعه عن خصاص أبنائه ومرض زوجته ومساعدته لبعض إخوته المعوزين ويصور لهم أنه يبرّ والدته  ...

حيلتُه في ذلك الزيادة في تسعيرة المهام والواجبات التي يتحمّل توفيرها لزبنائه من وثائق ...

لا يهمّه أمرُ أي شيء  سوى جمع المال وبأية طريقة إبتداء من النصب والإحتيال وانتهاء بالسرقة الموصوفة ...

يفتخر حيناً ليبرهن على أنه رجل مهم وعالي المقام  بما يُقدّمه لأبنائه من سيارة فارهةٍ ولباس عصري ...

يدّعي أنه يتعاطف مع الفقراء والمحتاجين وهو يمتص دماءهم ...

همه الوحيد في الحياة هو المال الذي يجمعه بأية طريقة معتقداً أو مدّعياً أن ما يقوم به من تقديم بعض المساعدات لأشخاص وهو يفعل ذلك ليكسب ودّهم وإبداء شخصيته ذات القيمة المبنية على الفراغ والضعف ...

يبدي اهتمامه بالآخرين ليصنع من خلالهم شخصية سخية وكريمة ...

وهذه القيمة الهشّة تتزعزع كلما أظهر أحدهم رفضه ووعيَه بحيلته التي ينصب بها على زبنائه ...

بقلم : فريد المصباحي  / المغرب .

إرسال تعليق

0 تعليقات