«رانيا خالد» تكتب: البيت الملعون!


في أحد أحياء مصر القديمة حيث المنازل المتشابكة والطرق المزدحمة.. 

تجلس فتاة قد أطلقت لشعرها العنان في يديها بعض الأوراق لتخطو بأولى كلماتها " حولي انهياراتك إلي إنجازات..... 
أنا كاتبة روائية شهيرة، أعد أفضل من كتب في مجال روايات الرعب والتشويق، كما قال أحد القراء عن كتاباتي الأخيرة أنها تجعلك تعيش الأحداث وكأنك جزء منها، سر تلك الشهرة هو أنني أختار قصص حقيقية وأمزجها بالخيال 
روايتي الجديدة ستكون عن قصر مهجور في حي الزمالك يقال أن صاحبه قُتل بسبب صراع بينه وبين شريكه على فتاة، حيث أراد صاحب القصر أن يقتل الفتاة لأنها رفضت الزواج به، فدافع عنها شريكه أدى إلى حدوث اشتباك بينهم، فتسبب في مقتله بالخطأ، كما يظن البعض أن ذلك الشريك وتلك الفتاة تخلص من جثة القتيل عن طريق دفنها في ذلك القصر، فأصبح ملعون.
اصطحبتُ اثنين من مساعدي "نبيل"، و "فادي" في رحلتي إلى ذلك القصر لكي أقوم بكتابة الرواية.. 
ولكي أجعل القارئ يعيش معي الأحداث استخدم مساعدي في تمثيل المشهد وأصف تعبيرات وجوهم مما يساعد على جذب القارئ..
سيقوم كل منهم بتقمص شخصية من تلك الشخصيات، نبيل سيكون صاحب القصر، فادي هو شريكه، وأنا تلك الفتاة 
_ هل أنتم جاهزون يا رفاق؟ 
أجابوا فحماس :نعم
قمتُ بتشغيل الكاميرا لتسجيل المشهد وبدأ كل منهم في تمثيل المشهد بإتقان، حتي لاحظت أن نبيل الذي يقوم بدور صاحب القصر ينظر إلي بطريقة غريبة بثت الرعب بداخلي
قلتُ مازحة : لا عليك يا نبيل، أنت تجيد التمثيل لكنك أرعبتني 
ضحك فادي، لكن نبيل هز رأسه في هدوء و مازال يحتفظ بتلك النظرات.. 
_هيا، يا رفاق استريحوا حتي أكتب ذلك المشهد وأعود لنستكمل باقي المشاهد. 
أثناء مشاهدتي للمشهد لكي أقوم بكتابته لاحظت أن نبيل يظهر بشكل راجل عريض ذو شنب ضخم، وجه ملطخ ببعض الدم... ماذا هذا يعني أن القصر ملعون حقاً، يجب أن أهرب الآن وسأتصل بفادي لكي يلحق بي 
وبينما كنتُ ألتفت تفاجأت بنبيل خلفي.. وضع يديه حول عنقي، وهو يقول بصوت أجش : سأنهي حياتك كما أنهيتِ حياتي، سأنتقم منكِ أيتها الخائنة 
_نبيل.. أفيق أنا سارة صديقتك، ااه....
...............…..................................... 
استيقظت فتاة صارخة وعلامة الإرهاق واضحة عليها نتيجة رؤيتها كابوس مزعج : أمي، أمي
قالت الأم في حنو وهي تهدأ من روعتها : اهدئي يا حبيبتي، استعيذي بالله.. خذي نفس عميق 
أجابت الفتاة باكية : أخبرتك أنني أكره بيت جدتي، لا أحب المبيت فيه وأنتم تصرون علي المبيت هنا لما لا تأتي جدتي تعيش معنا، دوماً ينتابني كوابيس مزعجة، سأموت يوماً ما بسبب ذلك.. 
قالت الأم في حنو وهي تلمس على شعر ابنتها : لما لا تحولي انهياراتك إلى إنجازات؟ 
ردت الفتاة مستفهمة : كيف ذلك..؟ 
_ سأخبركِ..
*******************************
بعد مرور خمسة عشر عاماً 
_جائزة أفضل رواية لهذا العام تحصل عليها الكاتبة الصاعدة "سارة"، تصفيق حار لها
_شكراً جزيلاً، ساستقبل أسئلتكم بكل سرور
قال أحد الصحافيين : ما هي أكثر مقولة أنتِ مؤمنة بها؟ 
نظرت سارة في عين والدتها التي كانت تجلس في الصفوف الأولى، ثم قالت : نستطيع أن نحول انهياراتنا إلى إنجازات 
رد الصحفي مستفهماً : كيف نفعل ذلك؟ 
_ سأذكر لكم مثلا بسيط، عندما كنتُ في السابعة من عمري كنتُ أكره المبيت في بيت جدتي، كان ينتابني كوابيس مزعجة، بسبب تلك المقولة استخدمت تلك الكوابيس كمصدر إلهام لرواياتي، توفت جدتي بعد نصيحة أمي لي بعامين، وأصبح البيت مهجور.. لكنني لحد الآن أذهب إلى ذلك البيت بمفردي أبيت فيه و أغلق الأنوار لكي استقبل كابوس جديد يكون رواية جديدة..
كذلك الحياة ستضعك في مشاكل وانهيارات يجب ألا تبكي حظك ،بل استخدم تلك المشاكل كدافع لإنجاز جديد..



إرسال تعليق

0 تعليقات