«طلقة في الرأس» قصة قصيرة ل: جون ايربار | ترجمة د. أحمد تركي



ارتعش المسدس بين كفي ريتشارد الزلقتين وهو يتراجع ببطء إلى أن اصطدم ظهره بجدارٍ من القرميد.

إنها حارة مسدودة.

سيموت بالتأكيد، تسائل والحزن يقتات على قلبه كيف سمح لنفسه مرة ثانية أن يُطارد فيُحاصر في زقاقٍ مسدود.

غبي غبي غبي!

كل شيء الآن يعتمد على هذه الطلقة الأخيرة، لا مجال للخطأ.

طلقة في الرأس.

أي أمر أخر لن يكفي، حتى لو نجح في اقتحام الزقاق طيرانًا عبر الكيان اللعين، لا يظن أنه سيقدر على تجاوزه والعودة إلى الشارع.

تبًا، لن يقدر على اتخاذ خطوة أخرى دون أن يفقد وعيه، والمطلوب كذلك أن يستمر في الركض!

كان خائفًا بحق، لسع العرق عينيه فأصاب بصره بضبابية شنيعة، وارتجفت ساقاه المُرهقتان، يُهددانه بهجره من شدة التعب، وفقدان التركيز رفاهية غير واجبة الآن، ليس عندما تكون تلك الرصاصة الأخيرة هي كل ما يقف بينه وبين. . .

اخترق المُصاب الأفق، ووجد ريتشارد نفسه يُحدق في جسدٍ عملاق، يرتديً أحذية قتالية وزي عسكري مموه وحزام أمتعة، هذا الشيء كان عضوًا في الجيش الأمريكي.

أو بالأحرى؛ الجيش الأمريكي السابق.

الدماء مُتخثرة على فكه وصدره وكتفيه، يسيل لعابه على أسنانه المكشوفة، رجله اليسرى خليطً من لحم مُتآكل وعظامٍ مكسورة، أما ذراعه اليمنى فمقطوعة من تحت المرفق، جذعه ينزف بحرية، ليرسم لوحة من لوحات جاكسون بولوك التعبيرية التجريدية بسكب دماءه على الأسفلت.

لا يتردد ولا يتلعثم، ولما يفعل؟ عرف ابن الأراذل أن ريتشارد مُحاصر في هذا الممر، فاندفع نحوه يلتهم المسافة بقفزات مُتسارعة.

قاتل ريتشارد الزمان والظروف لتثبيت مُسدسه، وتباطئ تنفسه مُجبرًا، وضاقت حدقتا عينيه، أمتار قليلة تفصله عن الموت، لكن عليه التحلي بالصبر، عليه أن يؤجل ضغط الزناد إلى آخر ثانية ممكنة.

سيُصعب ظهر المُصاب المُنحني من إصابة رأسه، وكذلك خطواته الخرقاء جعلت التصويب أكثر صعوبة، أما حقيقة أنه يجري بسرعة جعلت المهمة شبه مستحيلة.

لكن ريتشارد توقع كل هذا.

شهق بعمق.

ثم أغلق عينيه.

وتذكر أمه وطيبتها.

ومرر أصبعه بلطف على جسم المُسدس الصلب البارد، و ضغط الزناد.

ليكتشف أن الزناد عالق.

***

انضم ريتشارد دون مقاومة تُذكر إلى جيش الموتى الأحياء، لن ترقد بسلام يا ابن والدتك..

إرسال تعليق

0 تعليقات