«علي الراضي» يكتب: نصوص مبعثرة!



(ڼڝوٍڝ ۾بـ؏ﭤڕةّ)

كأغنيةٍ سبعينية... تأخذك بصوتها الدافئ الى عمق الجنوب تحملك على جنح نورس يقتات الشواطئ والاحلام، تُعيدها مراراً وتكرارا وكأنك تستجدي ذاك الشعور بالأمان، تحفظها عن ظهر قلب، كلما مرّت بك تذوب في تفاصيلها تستنشقُ ضحكتها وحزنها وتركيبات جملها كمخدر ينعش روحك، تضحك بعمق وتبكي بحرقة، حقيقية لدرجة انك تشعر بأنفاسها، خيالية لدرجة الهذيان، نقية كالملائكة، معها فقط تشعر بأنك لن تتذوق جحيماً آخر غير جحيم فراقها، كل القوانيين تتعطل حين تمتطي أرجوحة العشق 

فأنت كاتب النص 

وأنت من وضع اللحن 

وأنت من أبهرتَ أجيال بعذوبة صوتك 

متناسياً بذلك ملامحك الجنوبية 

ووجعك المزمن 

وقصبتك الهوائية التي لا تصدر صوتاً سوى النحيب كـ نايٍ مشروخ يلتهم روح الراعي الذي ينتظر عشتار فعاقبه الرب بالخلود في مفترق الطرقات ينثر قصائده كـ يعاسيب تجوب السماء بحثاً عن آثارها. فتلك الأغنية الجنوبية تسحرك بالاساطير تجعل منك تموز والمزارع والراعي.

(2)

تلك الحروب التي نخوضها مع أنفسنا، ما هي إلا محاولات فاشلة لتجربة الحياة، ووضعها على المحك، غالباً من نُشرك طرفاً ثالثاً فيها، نجعله يؤمن بقضية أسمها الوطن، كلانا يمتلك حروبه الخاصة، قد تكون معاركها طاحنة، لا ندرك حجم الخسائر التي قدمها فيها، سوى بعض الندوب الظاهرة على ملامحه، وبعض الطعنات العميقة التي لا زالت تنزف، تروقُ لنا فترة التحظيرات للمعركة الأخيرة، حيثُ التجهيزات والأهازيج رغم كل ذلك كنا نعود كلٌّ الى سريره الدافئ بعد يوم مجهد من الاستعدادات، نحلم بذاك النصر العظيم، نوطنُ أرواحنا على المؤازرة نعوّلُ على ذلك الحليف، تغضُّ الطرف عن أهدافه رغم أنه شريكك الوحيد في حربك، بعد فترةٍ وجيزة تبدءان بحساب النتائج وما ستؤول إليه الأمور، وهنا ستنتهي الحرب قبل أن تبدأ، يأخذ كلٌ منكما جيشه يعتقد بأنه لم يخسر شيئاً، يحمل معه تلك الأغنيات وبعض الصور وعطر لقاء ولون الحلم، تلك الأشياء ستسلب منكما روح الحياة، تجعل منك شخصاً هشاً مستسلماً غير قادر على مواجهة نفسك، ناهيكَ عن مواجهة الحياة، تدّعي الحياة 

تمارسها دون رغبة ..

تضحك بصوتٍ مرتفع ..

لم يعد لديك هدف سوى أن تثبت لحليفك السابق أنك بخير.

(3)

فزّاعةٌ...

تشاهد النيران 

تلتهم الجداول الرعناء والحقول ، 

أسيرُ كـ الغراب

أراد أن يعيشَ كـ الحمام، 

وشى لها عن موطنِ  الذئاب،

يراقب الوجوه والقلوب والرماد، 

مُذ غادرت لتسكن الغياب  

تلتفُّ حول خصرها النجوم

أرجوحةً معلقة

تُزينُ السماء

يحاول الرُقاد 

الجسد المنهار لا ينام 

يدور بين العنق الشفاف

والحطام

كأنه يطوف بين الركن والمقام

إن أغلقَ الجفون 

تُسرِبُ الدموع كالأنهار 

يحتضنُ السراب 

يشم عطر شعرها 

يلثم غُصنَ جيدها 

يقتاتُ حبات الكرز 

كالطفلِ لا يعتقدُ الفطام

يضيع ألف ليلة 

من دون أن ينام 

يُفزعه الصباح 

ينهارُ ألف مرة 

كأنه انتحار 

كـ غيمةٍ تُظللُ الرؤوس 

إن أمطرت.....

ستُنعشُ التراب 

تصنعُ منه كوكباً 

يُضيءُ في النهار.


إرسال تعليق

0 تعليقات