الروائي المصري «أحمد سيد عبدالغفار» يكتب: مشنقة الفراغ!

 

مُعلّقٌ أنا على مشنقة الفراغ, أتأرجح بين التاريخ والذكريات, يختلط الوهم بالواقع, يفيض الخيال بالأمنيات ومآسي أبطال الروايات, لا يُمكنني الرؤية ولا قُدرة على التوقّعات.

وجوه كثيرة مُجتمعة, تعرفني ولا أعرفها, مَن أنا! مَن أنتَ! مَن أنتِ! ومَن هؤلاء!

طوفان الجُنون قادم لا محالة, الغرَق لن يرحَم, ولا سفينة تُنقذ ما تبقّى مِن العُقلاء.

النمرود يحمل الورود, يُقدّمها بامتنان لأباطرة العصر ورؤساء الأوطان.

هانيبال يُريد ألف عام بدلاً من أربعين, يتمنى العَودة للقضاء على الرومان.

 الأسكندر يرغب بقضاء بعض الوقت مع ديوجين, الماركيز يبكي على ما فعله في جوستين, غوغول سَيمنَح أكاكي معطف جديد, فاوست نادمًا على اتفاقيته مع الشيطان.

سيزيف ترك الصخرة لِتسقُط على رؤوس من يُصفّقوا لِمُعاناته, إيكاروس قرّر ألا يَرتَفع وأن يظل يهبط إلى الأبد, ثامار تعتذر عن غوايتها ليهوذا, لوكريشيا تتمسّك بفضيلتها وإن قُتلَت آلاف المرات, انستاسيا نادمة على ما فعلته بحبيبها الذي هجَرَ وخان.

في الزاوية هُناك يجتمع بعض المُهمّشين, آبله ديستويفسكي ومُغفّلة تشيخوف, أحدب هوجو وأبناء حارة محفوظ, مجنون نيتشة ومسخ كافكا مع فُقراء يوتوبيا العرّاب, يُخططون للرحيل, يرغبون في الهرب من كآبة شوبنهاور وعدمية سارتر إلىَ فردوس ميلتون وفُصول فيفالدي الأربعة.

زوربا يواصل الرقص على أنقاض ستالينجراد ويسبّ هتلر, دون كيشوت راكبًا حصان طروادة ويُرثي سُقوط الأندلس, هوميروس يكتُب إلياذة جديدة يستنكر فيها شَنق جاليليو واغتيال جيفارا وإعدام لوركا, دانتي يتمزّق حُزنًا على انتحار همنغواي وفان جوخ ورجائي عليش.

التاريخ متاهة مُعقّدة ومُرهقة, الكُتب جُرعات من ترياق التمرّد والشك, خناجر تنغرز في الروح والعقل. القراءة مدينة من الخيال, شوارع من المُتعة والأوهام, ميادين من الحُب والآلام, مباني من الضباب والثلج, أرصفة من الدم والحبر, مقاهي تُقدّم الهُروب في أكواب, رحلات مجانية عبر الأزمان والأكوان. القراءة حياة مَن لا حياة له..

___

أحمد سيد عبدالغفار (قاص وروائي مصري)

إرسال تعليق

0 تعليقات