الكاتب المغربي «أشرف الزبيري» يكتب: إنهم يقتلوننا برصاص التفاهة



هؤلاء الأشخاص المحدودين جدًا، الذين يقتاتون على التفاهات ويشربون من كؤوس الموت الرمزي، الذين يعيشون مطاردين الوهم، الهاربين من واقعهم المعيشي، الباحثين عن عالم آخر، كيف لإنسان أن ينسى همومه ومشاكله ووضعية البلاد التي تتجه إلى المنحدر، في الوقت الذي ينعم فيه الرأسماليين أصحاب البطون المنتفخة بالراحة والرفاهية؛ مؤمِّنين مستقبلهم ومستقبل جيل بأكمله.
يتوارثون الأسماء كما يتوراثون الوطن والمال! بنية مجتمعيّة مريضة؛ كيف يمكن لعاقل أن يفهم أو يفكِّك ويحلِّل؟ الأوضاع الإنسانيّة والاجتماعية والاقتصادية والحقوقيّة متدهورة جدًا، بينما تجد مئات الآلاف ممن يتكدسون حول خشبات ما يسمى بمهرجان التفاهة كأنهم لا يشكوون من أي شيء، كأن اقتصادنا يتربّع على عرش الاقتصاديات العالمية ووضعيتنا الاجتماعية ميسَّرة جدًا، ولا ينقصنا غير الرقص والغناء .                                             
مئات الآلاف من المتفرجين المضحوك عليهم والضاحكين على أنفسهم، رجالًا ونساءً وأطفالًا وشبابًا؛ يتابعون كل مساء حفلات غناء يرقصون ويهلِّلون متفاعلين مع موسيقيين يجنون المال الكثير مقابل ساعة من البهرجة والضجيج، ثم يرحلون عائدين بغنائم كبيرة، بينما يعود المتفرجون يجرون أذيالهم، ليفاجأوا بالزيادة في الأسعار، بضرب القدرة الشرائيّة للمواطن الضعيف، بضرب التعليم، وقتل الصحة، بتكريس العبودية عبر ضرب الحق في الإضراب.
اسألوا من قتل الطفلة الصغيرة التي كانت تحلم بوطن يحضنها، بطبيب يداويها بمستشفى يقدم لها العلاج كحق من حقوقها الطبيعية، ماتت بالتقصير، لا بل الدولة من قتلتها بدم بارد، قتلتها عقرب لأن الدولة كانت مشغولة بمهرجان؛ لأنها لديها القدرة على تنظيم أقوى المهرجانات لكنها عاجزة عن بناء مستشفى ينقذ أرواح!

إرسال تعليق

0 تعليقات