الكاتبة السورية «خديجة حسين» تكتب: ضجيج الليل!



                         
مراجعة لغوية:
أ. هشام وهبي _ فريق عمل الدار.
****

هذا الليل الذي يكون هادئا جدا، الجميع داخل في غيبوبته، البشر والحيوانات جميعهم نائمون، لا أصوات مزعجة ولاضجة متراكمة. فقط هدوء وسكينة بالنسبة للأغلبية، ولكن أنا!
أنا ..ماذا؟!  أنا حيث لا راحة لي في هذا الليل، فضجيج ذلك الليل يكاد يلتهم جسدي، هذا الذي كان ينبغي أن يكون راحة من تعب النهار، ونوما هنيئا ومصدرا للأحلام.. أصبح عبارة عن ليل يولد ألما، يمزق شرايين قلب أصابه العسف، هذا ليس هدوءا بل صراخ، صراخ جسد تعب من حياة تعترض سعادته، تحطم كل أحلامه و أمنياته، في حين  أشعر أنني بحالة جيدة، في وضح النهار يأتي الليل ليذكرني بآلام عشتها، بأغلى الناس عندي التي خيبت ظنوني، بكل الأحلام التي تدمرت في لحظة واحدة، أنا التي كنت أنتظر الفرح ولكن الفرح لم يأت، لأن رياح القدر أخذته إلى مكان بعيد، لم يبق شيء سوى الأحزان والشكوى و الآهات وآمال منكسرة وأمنيات خائبة، وها أنا أشعر بشيء غريب في كل ليلة يدفعني لقول من أنا؟
ألهذه الدرجة تغيرت؟ ألهذه الدرجة أصبحت ملامحي شاحبة؟ أصحبت لا أريد شيئا من هذه الحياة. فقدت الثقة في كل شي، حتى في الهواء الذي أتنفسه، لا أريد شيئا سوى الصراخ  بأعلى صوتي، أحتاج صرخة قوية جدا نابعة من جذور قلبي، لكي تمزق في طريقها كل أوجاعي. ولكن حتى هذا لا استطيعه، وكأن في كل ليلة يحادثني الليل. لا أعلم.. لا أرى أي شيء، ولكنني أشعر بذلك وكأنه يقول لي: أين بريق الأمل الذي كان دائما في عينيك؟
أين لهفة قلبك لكل دقيقة آتية لتقولي أملي كبير؟!
ألست أنت التي كنت تقولين: سيأتي يوم ويزهر قلبي مثلما تزهر الأرض في فصل الربيع، لتحوم فراشات الأمنيات حول تلك الزهور؟!
حماسك أين هو؟
وباللا شعور بدأت أجيبه: تلك لست أنا. تلك الفتاة كانت غبية جدا، كانت الحياة تخدعها وحسب، ولكن أنا أدركت كل شيء.
ولكن يا أيها الليل.. ألست أنت من تذكرني بآلامي وبماض جميل فقدته، وأشعر بكم هائل من الوحدة ؟_عندما تأتي أنت، تأتي معك الأوجاع وأفقد النوم لأبقى هكذا حتى الصباح، ألست أنت من تفعل هذا بي أيها الليل؟
لا أعلم ما الذي سيحدث؟ ولكنني أعلم أنني  سأبقى هكذا خالية المشاعر، لا أبالي بأحد، لأنني حاولت إخفاء كل شيء منذ البداية، ولكن لم أعد أستطيع، لا أحد يفهمني ولا أحد يهمه أمري، وروحي المتهشمة وقلبي المحطم وجسدي المنهك، أصبحوا عبارة عن رماد من أثر نار بقيت، ولكن لا بأس هذه مأساة الليل فقط.
كل هذا عبارة عن ضجيج صغير يحدث لي في كل ليلة !  ضجيج صغير جدا،  لدرجة أن لا أحد يسمع شيئا ولا يشعر بأي شيء،
ولكن سآخذ بالصبر والدعاء  حتى ألتقي بك.

إرسال تعليق

0 تعليقات