ورقة إسفندان| قصة قصيرة بقلم الكاتبة الجزائرية: فاطمة حفيظ




و في ذلك الحين قلبت الصفحة التاسعة و الثمانين ، و اغلقته بعنف و تنفس صبرها الصعداء،
يبدو أن مسار  تشرين قد أسقط كل شيء حتى قلوب العشاق أصبحت متقلبة و جاثمة قرب أمسيات المسنين المملة. هذه الرياح الشمالية تفوح برمال  شاطىء البحر المتوسط و لكنها لا تحمل صفوته  أبدا. لقد أسقطت المدن كل كبرياء و قانون حفظ الكبرياء و الأنفة، هناك ، و على كل مقربة مني، رجل قد أدى به حادث ما إلى فقدان  قدميه و هو يبيع العلكة و الفستق قرب بوابة الحديقة التشرينية الغارقة بأوراق الإسفندان التي فقدت أخضرها  الملكي و أصبحت بلون الهندباء البرية الذابلة...
اشتدت العاصفة، و لم يستطع أحد شراء علكة  و لا بعض الفستق المملح، يبدو أنهم يقومون بمضغ أجساد الفقراء و أصبحت علكتهم المفضلة بنكهة الدموع المستترة خلف الوجوه، لا فائدة لعلكة النعناع ذات الرائحة الطيبة ، كل شيء قد اختفى تحت الإسفندان حتى ممشى  مقابرنا الجماعية قد أصبح شائعا و مألوفا، لكن كل منا يضيع تفاصيله و ذاكرة الشعور الحي بين الجثث النصف ميتة من عوز و فاقة حين ينظر إلى تجاويف جيبه و حقيبته القديمة.
حملت ما أملكه من جثة على قيد انسان ، و بعت الكتاب قبل وصولي لنهايته، ثم أهديت ثمنه للرجل و ابتسمت:

" سآخذ كل علب العلكة، خذ هذا ..."
ابتسم الرجل ابتسامة جميلة جدا جعلتني أسافر إلى داخلي و أنا اتكىء على كتف أبي و أشم صدره...
أخذت جميع علب العلكة ، و كان مذاق كل قطعة ألذ من صفحات الكتاب.

إرسال تعليق

0 تعليقات