عثمان السعيد مواطن عربي كان يقيم بفرنسا منذ سنوات ،ارتبط بكريستين سيدة فرنسية تعرف عليها في المحكمة عندما كانت في نزاع مع جارها وبحكم عمله كمحامي ..
أحبته لشخصيته وفتنه جمالها بالرغم من أن لها بنت وولد من علاقة سابقة .
في بلده كان والده المناضل يحظى بإحترام الجميع .
وقد ورث عنه ابنه عثمان ذاك التقدير والاحترام كما ورث عنه أملاكه ومشاريعه.
لم يكن يظن أي من الجيران عندما تنقل للإقامة في بلده أن الولدين ليسوا اولاده.فيما كان يظهر أمام الجميع أنه والدهم الحقيقي.. أنهى الولدّ،دراسته.. لم يكن مجبرا على البحث عن عمل ، فالسيد عثمان يُوفر له كل ما يحتاج إليه..أما الفتاة فإنها بعد أن أنهت دراستها انتقلت إلى فرنسا لمواصلة دراستها الجامعية هناك. إنها صورة متكاملة ومتناسقة لأسرة تعيش في سعادة وهناء.. كذلك كانت تبدو.لكل من يعرفهم.
وفي يوم صيفي، تقدمت كريستين لدى مكتب الدرك الوطني اين يتبع السكن الفرعي لعثمان السعيد.. قالت إن زوجها، اختفى منذ يومين ولم يعد للبيت كالمعتاد..وبحكم تنقلاته بين الولايات لمتابعة القضايا قالت إنها انتظرته طيلة اليوم الموالي لذهابه إلى المحكمة..وأن هاتفه يرن ولكن لامجيب .إفادة وافية كافية..وعلى هذه المعطيات تحرك رجال الدرك للبحث والتحري...
وبعد بحث استمر يومين، تم العثور على المحامي عثمان جثة هامدة في سيارته القابعة على مسافة غير بعيدة من الطريق العام مرتطمة بتلة من الرمال والحجارة لحقتها تشوهات طفيفة . نقلت على اثرها الجثة إلى المستشفى لتشريحها..
فيما الطبيب المداوم خرج بتقرير مفاده أن السيد عثمان أصيب بسكتة قلبية أثناء القيادة مما أدى إلى انحراف سيارته عن مسارها وارتطامها.. سلمت مصلحة الدرك الوطني السيارة إل كريستين التي من المفترض أنها أرملة الضحية .
كانت السيارة قد أخضعت لتفتيش لم يظهر منه ما يقود البحث إلى وجهة أخرى غير حادثة الارتطام .لبست السيدة السواد حدادا.. كانت تبدي حزنا كبيرا لفراق زوجها
لكن مراد صديق عثمان المحامي بمحكمة الاستئناف لم يُقتنع بالمعلومات التي تضمنتها الإفادة الخاصة بوفاة صديقه. ولذلك تقدم بطلب لدى المحكمة العليا أن تطلب من المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، إتمام الإجراءات التي بدأتها مصلحة الدرك بدءا بتشريح الجثة وتفتيش سيارة الضحية من جديد..
خلص التشريح إلى أن عثمان السعيد لم تكن السكتة القلبية سبب الوفاة وإنما مات نتيجة جرعة زائدة من مادة سامة...معطيات كفيلة بإعادة استنطاق ارملته.
قصد المحققون منزل الضحية ، كانت كريستين ، الأرملة المفترضة تظهر الكثير من الحزن لم تقو على الكلام، وربما أرادت أن تظهر كذلك.. فكثيرا ما كان الصمت ملاذا.. كانت السيارة مركونة في المرآب.. قاموا بعملية تفتيش جديدة دون اكتشاف ما يوجه البحث وجهة معينة..
كان ضمن الفريق مفتش شرطة من ذوي التجربة الطويلة في تعقب الآثار، لم يقتنع بالكيفية التي تم بها تفتيش السيارة فطلب نقلها إلى مقر الشرطة لتفتيش أكثر دقة.
ولأن التحقيق يسير ببطءلم يكن مما يرضي المسؤولين الأمنيين الأعلى مستوى. الضحية ذو مكانة مرموقة في المجتمع .
ومن كبار المحاميين في البلد. ثم إن كل تأخر في الوصول إلى الأدلة قد يعرضها إلى الاختفاء والتلف.
وبعد تفتيش متواصل عثر على قارورة ماء بلاستيكية من الحجم الصغير فارغة في مكان تواجدمحرك السيارة لم تلاحظها السيدة،تم الاحتفاظ بها لمعاينتها وأخذ البصمات من عليها. لتظهر النتيجة بوجود مادة تراب الماس السم البطيء الذي يقضي على الضحية في غضون أيام من تعاطيه....نتيجة كافية لإعادة استنطاق كريستين.. تقرر أيضا استنطاق ابنها.. وبما أن البنت كانت في فرنسا للدراسة لم تكن محل شبهة.
انطلق المفتش المسؤول على التحقيق من عدة ثغرات في أقوال كريستين وابنها. ولانها كانت مصرة على الإنكار لم يتوصل لنتيجة تدينهم وبعد يومين أوحى لها بأنه يريد إحضار ابنتها من فرنسا ربما يجد عندها الجواب لتساؤلاته.. حينها انهارت القوة الأخيرة بداخلها فقررت الكلام.
قالت المرأة الخمسينية إنها علمت منذ فترة أن زوجها عثمان السعيد كان يقيم علاقة غرامية مع ابنتها فخططت للانتقام منه وذلك بعلم ابنها ومساعدته.
لما تكلمت كريستين.. أظهرت أنها تريد أن تبوح بكل ماتخفيه إلى المحققين ، وترمي مايثقل
صدرها، وتستريح
كان اعترافها مفيدا،لكن ما الذي جعلكي تقتنعين بوجود علاقة غرامية بين ابنتكي العشرينية وزوجك المغدور الستيني.سألها المحقق.
قالت كريستين إنها بالصدفة علمت بتلك العلاقة.عندما سلمها ساعي البريد رسالة من فرنسا موجهة إلى عثمان السعيد. لم يكن مكتوبا على ظرفها اسم المرسل ولانه كان في سفر دفعها فضولها إلى فتح الظرف، وكانت المفاجأة والصدمة بالنسبة لها اردفت تقول رسالة غرامية من ابنتي إلى زوجي. أخفيت الرسالة، وترصدت رسائل أخرى.. سلسلة من الرسائل في إحداها مخطط صريح كان ينوي عثمان هجراني ليستبدلني في باريس بابنتي ..ياله من خائن استغل شبابها وطيشها ليلعب علينا نحن الاتنتين.ولو مايزال على قيد الحياة لسممته مرة أخرى..
ختمت كلامها دون أن يرف لها جفن بكل حقد وغضب.لترافق محققي الشرطة لتسلمهم الرسائل دليل دوافع الجريمة. كانت كريستين متيقنة أنها بقتل عثمان السعيد ، قد انتقمت لكرامتها من زوج خائن، و قد جنبت ابنتها الوقوع في براثن رجل استغلالي.
بقيت القاتلة على موقفها لتبدو كأرملة حزينة دفعتها الخيانة لقتل زوجها مع سبق الاصرار والترصد.
إرسال تعليق
0 تعليقات