الكاتبة الجزائرية "فاطنة الباي" تكتب: الجزائر وتاج ملوك أسبانيا!




سنوات مرت عندما قرأت قصة عن الجزائر وعلاقتها بتاج ملوك اسبانيا ...تقول القصة التي لم استوقفني حينها ،هل تعلم أن ملوك اسبانيا لايضعون التاج الملكي ؟ وهل تعلم أن الجزائر هي السبب؟
مجمل القصة أن شارلكان ملك اسبانيا عند دخوله الجزائر سنة 1541غازيا ،اصطدم بمقاومة شرسة من طرف البربر .لينهزم شر هزيمة ويرى جثث جنده تغطي سطح البحر.ووصل به الغضب أن رمى بالتاج الملكي في البحر وهو يردد انا لست اهلا لحملك....الى هنا القصة غير مكتملة ولاتستند لمصادر تاريخية ،فتشت لمعرفة أصل الحكاية،ليكون الجواب في كتاب
"حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر واسبانيا" لأحمد توفيق المدني . أنه بعد مفاوضات عديدة ورسل عدة من شارلكان الى خير الدين بربروس لإستمالته والتخلي عن السلطان العثماني وتعيينه ملكا على الشمال الإفريقي التابع لإسبانيا حينذاك.ولأن محاولاته باءت بالفشل .قاد أسطول من مرسى ماهون يوم 18اكتوبر1541 ليرسو بميناء الجزائر. يوم 20من نفس الشهر صباحا.ولكي يبث الخوف والرهبة بين السكان خرج في المدينة متفاخرا مظهرا قوته وعظمته.
أفرد المدني فصلاً كاملا لحملة شارلكان، أو شارل الخامس (1500 – 1558)، على مدينة الجزائر، والتي كان للكنيسة دورا بارزا بمد العون المعنوي والمادي حيث أعلن ان من واجب كل مسيحي مؤمن أن يشارك في هذه الحملة لأنها أمر ديني ضد" الكفار"
وتم النزول البري في وادي الحراش اليسرى يوم 23اكنوبر...لكن اتضحت أن القوى غير متكافئة ،لم يكن فيى المدينة أكثر من ستة ألاف خليط من. الاتراك والاندلسيين والعرب ...هذا مازاد طمع شارلكان الذي توهم أن المدينة أصبحت في قبضته، ليطلب من محمد حسن آغا تسليم المدينة لتكون تابعة لجيشه.
ليفاجأ بقتال شرس وحرب كحرب العصابات .
لكن في تلك الليلة أي 24أكتوبر أنزل الله السماء مدرارا وهبوب ريح عاتية من الشمال الغربي لتتعالى تلاطم الأمواج .ويقلب أوراق الأسطول البحري المحمل بالأسلحة والمدفعية والذخائر الحربية .وتختلط حسابات شارلكان ،لأن الجزائريين لم يستسلموا وانقضوا على الخط الاسباني يمينا في رأس. تافورة ،بقيادة الشيخ البشير.
ليكون النصر حليف الجزائريين بفضل إيمان   وبسالة وتضحيات المجاهدين بعد معركة دامت 12يوما ممتدة من 23أكتوبر لغاية 03نوفمبر1541
ليغادر شارلكان الجزائر من منطقة بحاية التي كانت تحت الحكم الاسباني وهو يجر خيبات الهزيمة التي لم يتوقعها أو هكذا خيل له.
وقيل إنه رمى خوذته ودرعه في البحر .وقيل إنه قام برمي التاج أو ربما. لشدة غضبه لم يفرق بين الخوذة والتاج وكانت عينه على الجزائر . وبعد أن استرد انفاسه وهدأ غضبه قال للتاج الذي ضاع من بين يديه كما ضاعت الجزائر :إذهب فربما يأتي ملك آخر أكثر حظا مني يستردك ويلبسك.
لكن ولا ملك استطاع استرداد التاج لأنه في أعماق الجزائر.
بغض النظر عن صحة القصة المتداولة وبالتحليل المنطفي ثمّة سببان، على الأقلّ، يجعلان من تلك القصّة المتعلّقة بإلقاء الإمبراطور الإسباني تاجه في البحر فرضيةً مستبعدة، لا يُعقَل أن يقود شارل الخامس حملةً عسكرية ضخمة، ويُقاتل، وهو يرتدي تاجاً يبلغ وزنه بضع كيلوغرامات. على الأرجح، كان يعتمر خوذة
سببٌ ثانٍ قد يكون وصف شارلكان نفسه بأنه "ليس أهلاً" لتاجه. صحيحٌ لان هزيمة 1541 كانت غير متوقعة ً بالنسبة إليه، لكن الملاحظ أن الإمبراطور لم يتنازل عن عرشه بل استمرّ في منصبه إلى غاية رحيله سنة 1558. وطيلة تلك الفترة، لم يهدأ ولم يستسلم، بل خاض حروباً أخرى جنوب البحر المتوسّط، فضلاً عن حروبه ضدّ فرنسا المتحالفة مع العثمانيين.
وفي مقالٍ بعنوان "لماذا لا يُتوّج الملك الإسباني فيليبي السادس؟"، نُشر عشيّة تنصيب الملك الإسباني الحالي فيليبي السادس الذي تخلّى له والده خوان كارلوس الأوّل عن العرش في حزيران/ يونيو 2014، يسرد موقع "بي بي سي" في نسخته الإسبانية مجموعةً من الأسباب التي تقف وراء عدم تتويج الملك الإسباني.
يذكر الموقع أنه، وخلافاً لبقيّة للأنظمة الملكية الأوروبية، تخلّى الإسبان عن تتويج ملوكهم، واستبدلوا التتويج الباذخ بإعلان الملوك أمام مجلس النوّاب، مضيفاً أن الدستور الإسباني الحالي "يتحدّث بدّقة عن الإعلان، وليس عن التتويج كما يحدث في ممالك أخرى، مثل إنكلترا"، وبأن مراسم الإعلان تُفسَّر على أنها اتفاق بين الملك والمملكة، على عكس تفسيرها القديم الذي يربطها بـ أمر إلهي".
سببٌ عمليّ آخر يُفسّر غياب التتويج؛ وهو أن التاج الملكي الإسباني الحالي، يُوضّح المقال، كبيرٌ جدّاً؛ بحيث يستحيل وضعه على رأس الملك، مضيفاً أن "للتاج طابع رمزي، ولم يُصنَع ليتمّ وضعه على الرأس". وبما أن فيليبي السادس هو قائد القوّات المسلّحة، فـ "لن يرتدي عباءة كبيرة أو ملابس فخمة، بل زيّ الجيش".
وخلال حفل الإعلان، يظلّ التاج والصولجان على وسادة عقيق ٍمطرّزة بالذهب، ثمّ يُعرَض في معرضٍ دائم للجمهور داخل "قاعة التاج" في القصر الملكي في مدريد. وبالفعل، عُرض التاج والصولجان في حزيران/ يونيو 2014، لأوّل مرّة بعد عام 1980.
ويذكر الموقع معلومةً مهمّة لها علاقةٌ بالموضوع الذي نتناوله؛ وهو أن آخر ملك إسباني جرى تتويجه هو خوان الأوّل من قشتالة، في القرن الرابع عشر. ومنذ ذلك الحين، جرى إعلان الملوك لا تتويجهم.
وبما أن خوان الأوّل (1358 - 1390) كان ملكاً على ليون وقشتالة في الفترة بين 1379 و1390، أي قبل الإمبراطور شارل الخامس، فهذا يعني أن الأخير لم يُتوَّج أيضاً، وبمعنىً آخر، لم يضع تاجاً على رأسه.
لكن القصّة التي تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي لها ارتباط برواية شعبية قديمة؛ حيث تطرقت المستغربة الإسبانية مابال فِياغرافي ختام دراسة مطوّلةٍ لها بعنوان "1541، يوم الجزائر: هزيمة الإمبراطور البطولية"، أن مدينة الجزائر تحتفظ، إلى اليوم، بـ "أسطورتين محلّيتين" من الحملة؛ الأولى تعزو العاصفة "التي دمّرت 150 سفينةً" إلى استجابة إلهية لدعاء "وليّ مقدّس"، تقول إن اسمه سيدي ولي دادا مضيفةً أنه توفّي سنة 1554 ولا يزال الجزائريّون يزورون ضريحه؛ إذ يعتبرونه بطلاً قومياً.

إرسال تعليق

0 تعليقات