«محمد موحوش» يكتب: الرجل المقاوم
كل الاحداث التي ستسرد في هذه القصة من وحي الخيال...
ولد سعيد في اقليم مدينة الحسيمة اوائل التسعينات من القرن الماضي، ترعرع في أسرة ميسورة الحال وغير متشددة ومتعصبة، تلقى تعليمه هناك، كان مستواه ما بين المتوسط ولا بأس به، أحب اصدقاءه وكان دائم الدفاع عليهم، كما تعرفون الأطفال فهم كثيرو الشجار فقد كان صلبا وقوي...
طفولة سعيد:
سعيد الطفل الذي كان يبكي كثيرا عندما كان رضيع، كان الكل يشتكي من بكائه، يقول سعيد اتذكر في احد الايام اردت النوم مع أمي لكنها لم تسمح لي وحملتني كي انام مع اخوتي، اتذكره كأنه حدث بالأمس بكيت الليلة كلها عند باب غرفة امي. هذا هو سعيد، يسعد بسماع المجاملة ويحزن ويحمر وجهه عند انتقاده.
مرت ايام انتقلت عائلته للعيش في مركز المدينة بدأ يكتشف بنفسه اسرار هذه الحياة، فصنع علاقات مع اصدقاء جدد ولم يكن يهمه شيء، أحب كرة القدم منذ الصغر وكان حلمه ان يكون لاعبا، يتذكر لقطة طريفة ايام الزلزال الذي ضرب مدينة الحسيمة، يقول كنت من محبي اللاعب الرائع البرازيلي صاحب الرقم 10 في فريق برشلونة، كنت أقوم بإعادة للمسة فنية لهذا اللاعب فبدأت أتمايل يمينا ويسارا، اذ بهزة ارضية تضرب المدينة في تلك اللحظة فهربت خارج المنزل من شدة الخوف، وبدأ أخي الاكبر يضحك على هذا المشهد.
بالعودة الى الزلزال يقول سعيد كانت اياما جميلة بالرغم من اننا عشنا فيها في الخلاء، وفي الخيمات إلا ان الجو الأخوي والإنساني الذي كان سائدا لم ارى مثله وأعتقد انه لن ارى مثله في المستقبل، الكل هرع لمساعدة المحتاجين، وصلت عدة مساعدات خارجية، وخصوصا ما جاء من الجيران من مدينة الناظور، فعلا بعدها بأعوام عرفنا انه حدثت اختلاسات، لكن لا يهم فقد كانت اياما جميلة لمن يتذكرها.
سعيد والمدرسة:
سعيد كان ذكيا بعض الشيء ففي دراسته لم يعرف سوى النجاح عكس اصدقائه الذين فشلوا في بعض المستويات، يقول سعيد بحرقة المدرسة اه لقد كانت شيئا جميلا حظيت بفرصة التعرف على الكثير من الاشخاص خصوصا على بعض الفتيات اللواتي كن جميلات، صراحة لم أكن أهتم بهن من قبل إلا في أيام الثانوية عندها كنت مولع بهن يمكنك القول ما بال سعيد تغير كل هذا التغيير فقد كنت مستعد لفعل اي شيء كي اجذب النظر إلي...اه المدرسة اتذكر الكثير من التفاصيل هنا وهناك هي أيام لا تنسى، ثم الكلية لم اتغير في أول عام لي في الجامعة، لم تغير الجامعة مني شيء نفس الشاب المبتسم عاشق الفتيات، هذا إلى ان عرفت فتاة صغيرة تلميذة أكبُرها بأربع أعوام، لم تكن كالأخريات، فهي صعبة المراس، وقد جعلتها تحديا مع نفسي ان امتلكها، هكذا فكرت في بادئ الامر، لكن مع مرور الايام عشقتها وان سألتني ما سبب عشقك لها سأحمر ولن أجد اجابة كافية لهذا السؤال قل اني عشقتها لغموضها ربما او لوضوحها، هكذا رد سعيد بهذه الكلمات المتناقضة فلم أجد لها مبرر سوى العشق.
لم يتحقق حلم سعيد في مداعبة الكرة، حلم يتحصر عليه كثيرا، وقد كان له هدف اخر هو ان يستقر في اوروبا كما يفعل اغلب الناس في مدينته، وكما فعلوا أصدقاؤه فقد غادروا واحدا تلو الاخر، تأخر المراد مرة اخرى فلم يكتب له ان يغير أرضه بعد ان حاول ان يستخرج تأشيرة السفر التي كانت ستتيح له الفرصة ان يسافر الى الضفة الاخرى وقد كان هدفه ان لا يعود الا بعد حصوله على الوثائق القانونية، كل هذه الاحلام تلاشت، فلم يبقى شيء امام الرجل سوى ان يقرأ وهو ما فعل فبدأ يقرأ بعض الكتب ويتعلم الكثير، تعلم ذاتي اكثر من نظامي، يقول اني استمع اكثر مما اتحدث، ثم يقول لقد كان عاما طويلا لقد تعبت من كثرة التفكير لا أعتقد انه سيأتي يوم ونتغير فيه...
سعيد والعمل:
عمل سعيد كرجل تعليم مهنة شريفة جيدة لكنه غير مرتاح لم يعرف التوتر والقلق إلا بعد ان دخل في هذا المجال، لقد تعلمت في عامي هذا اكثر مما تعلمت في كثير من السنين، بالأمس كنت مهتم كثيرا بالجانب النفسي للإنسان واردت التعمق أكثر واليوم انا مهتم بالجانب القانوني والحقوقي أكثر لا عجب انه لا تناقض بين الاثنين إلا انه فعلا لم أعد كما كنت لقد تركت الكثير من أجل هذه المهنة الكثير أتحدث عن حريتي و اختياراتي انا المحب للفن والموسيقى حتى انه عندما أتحدث عنها ألفظ هذه الكلمة بلسان لاتيني musica و محب ايضا للسنيما والافلام.
الان بعد عدة اعوام من العمل ركب سعيد الباخرة، متجها نحو اوروبا بأمل ان لا يكون قد فاته تحقيق بعض من اهدافه الشخصية، لا أعلم ما هي اهدافه لكن اظن انه يتحدث عن الاستقرار النفسي والهروب من واقع الحال الذي لا يتغير، الاعوام تمر بسرعة والرجل لم يحقق ما يريده في هذه المنطقة و اراد تبديلها لعل الله يجعل فيها يسر وبركة.
محمد موحوش.
إرسال تعليق
0 تعليقات