الكاتب الجزائري «أيمن قدة» يكتب: أيقظ قدراتك؟
كرَّم الله الانسان على سائر المخلوقات، وسخَّر له كل النعم، وبيّن له طريقه؛ فاما شاكرا و اما كفورا، فأنت ايها الانسان غالي على الله ، فقد اعطاك عقلا تحكم به وتعي به ، وقد تحملت امانة ثقلت على الارض والجبال، فعليك ان تعي جيدا أنك اكرم المخلوقات واسماها ، لقوله تعالى (لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم) ،لكن الكثير من البشر اليوم يحتقر نفسه ويذل نفسه ناسيا انه اية من ايات لله ( وفي الارض اياآ للموقنين○ وفي أنفسكم افلا تبصرون) ، والسبب في احتقاره لنفسه هو جهله لقدراته وامكانياته، فانت ايها الانسان لك قدرات غير محدودة لكنك تخفيها تجهلها تقتلها بوضع فرامل ومعيقات عدة تمنعك من ايقاظ قدراتك .
يحكى في قديم الزمان في الصين ان قوما صنعو تمثالا من الذهب، وخوفا من الاعداء غطو هذا التمثال بالطين ، فلما هجم عليهم الاعداء قتلوهم كلهم وتركو تمثال لانهم راوه من الطين،ثم بعد مئات السنين كاشف عالم اثار هذا تمثال وبعد ظهور تشققات فيه اخذ يكسر كل الطين حتى ظهر تمثال ذهب ثمين جدا ،وضع في المتحف وكتبت تحته حكمة 'وراء الطين يوجد الذهب' ، وكذلك أنت ايها الانسان داخلك جوهر الذهب انت الذي تخفيه وتغطيه بالطين بوضعك لعدة فرامل تمنعك من التقدم، هذه الفرامل متمثلة في اعذار انت تضعها لنفسك فمنها:
_ عذر الحالة النفسية أي انك تقنع نفسك بانك لن تستطيع النجاح بسبب فشل سابق او انك لن تستطيع ان تشفى ابدا ، فتجد معظم الذين يزورون الاطباء ليسو مرضى بل هم نفسيا يقنعون انفسهم بالمرض ، وتجد معظم بطالين ليسو عاجزين بل هم يقنعون انفسهم بعدم العمل.
_ عذر الحالة الاجتماعية اي انك تاخذ صورة سيئة عن المجتمع وتوهم نفسك ان الناس تكرهك وان البلاد هلكت ، فتجد فيه اناسا يقول لك كنت اجتماعيا ثم انعزلت بسبب غدر اصدقائي لي او اهانتهم ، فاصبح هذا الانسان يخاف المجتمع .
_ عذرالخوف و الحالة المهنية فقد تجد عند بعض الناس اعتقادا ذاتيا انه سيطرد ،فيصبح خائفا ومحسا بضعفه ، فيتسبب هذا في تدهور مستواه في عمله وفشله ، فبدل ان يسعى لتطويير نفسه تراه يضع عذر الحالة المهنية ليطور نفسه.
_ عذر الحالة مادية ، تمني الناس اني لو كان لي كذا من المال لوصلت ووصلت مقنعا نفسه بعجزه ، ناسيا ان معظم الاغنياء بدأوو من نقطة الصفر ، لكنهم واجهو الظروف وحققو احلامهم .
_ عذر العمر تجد معظم الناس مقياسهم العمر ، فمثلا لو اراد عجوز ان يبدأ الدراسة ويبلغ اعلى درجات يقول في نفسه كبرت وقد فاتني القطار ، وقد تجد صغيرا له ا حكم القرارات والكلمات فترى معظم الناس يقولون له من انت لتناقش هذا او تقول هذا انت صغير ، فيبقى عذر العمر حاجزا نحو التفوق .
_ عذر الحالة الجسمانية فتجد الكثير يتعلل بانه كفيف او معوق او قصير او مريض ولا يستطيع ان يقدم شيئا، ناسيا اعظم الشخصيات التي واجهت الاعاقة وبلغت مرادها ،واثبتت ان الاعاقة اعاقة نفسية لا جسمية .
_ عذر الحرص الشديد وهم الناس السلبيون فتجده مثلا يقول لك الناس وحوش وذلك لخوفه من التعامل مع ناس ، وتجده لما تعرض عليه فكرة او تجربة يمنعك يقول لك قريبي حصل له هذا وهذا ، وهذا ما يؤدي الى اعاقة الناس من حوله من التقدم .
_ عذر العادات وهي سيد الاعذار ، وهو الذي يمنع ناس من اتباع الهدى يقلك لم اتعود على الصلاة مثلا لم اتعود على الخير ، تكفه عن التدخين يقول لك اصبح عادة في لا استطيع نزعها ، تقول له نظم غذاءك يقول لك لا استطيع فهكذا تعودت ، ناسيا ان العادة كما جاءت يمكن ان تزول ومعيقا بها تقدمه للامام .
هنا توصلنا ان هذه الفرامل العقلية بالفعل تؤثر على الانسان ، فهي في البداية تبدأ بفكرة سلبية ، ثم بتكرار لها تصبح قناعة ثم يقرر انها فيه ثم بعد ذلك يختار الاعذار لها ، ثم تدخل الى دورة النفسية لمرض الاعذار ، الى ان تصبح عادة مترسخة فيه .
لكنك ايها الانسان تقدر ان تتركها وراءك ان تفكر بايجابية ان تلون حياتك ولو بابسط الاشياء ، ان تقف من جديد ان تكون اقوى، فانت اذا بدأت زراعة زهرة داخل نفسك ستتحول الى بستان بالتفاؤل والعمل .
ايها الانسان تدبر قوله تعالى (وما اصابك من سيئة فمن نفسك) فانت هو المسؤول عن كل الحياة السلبية ، كن اقوى واعتصم بحبل لله وامن به يهد قلبك وتوكل عليه ولا تقنط من رحمة لله ، ودع عنك كل المشاعر السلبية فالدار الدنيا دار عمل ، والعمل يتطلب القوة والايجاب والتفاؤل ، واعلم انك غالي على لله فاشكره وتقرب منه ، وكل يوم اخبر نفسك انك ستتغير وستكون افضل وستتطور ، فانزع فرامل واعذار الطين وحرر الذهب الذي بداخلك ، فنحن ننتظر نجاحك ، فنجاحك نجاح الامة ، كن نيزكا قويا شديدا وكن نجما عاليا سعيدا.
إرسال تعليق
0 تعليقات