«رنا خليفة» تكتب: خبز مغرور
صباح الخير، أنا غني عن التعريف، لقد خلقت منذ عشر دقائق مضت و العالم أجمع بانتظاري.... ها أنا ذا مازلت ساخنا و طريا ، هشا و مقرمشا، رائحتي تجذبكم جميعا فأنا لا أقاوم و لا أحد مثلي!! صحيح أني أشبه من هم من بني جلدي و لكنني مميز عنهم و قيمتي تعلو قيمتهم بدرجات! فأنا قد صنعت من أجود أنواع الدقيق في أفخر المخابز ، لوني أبيض و قوامي لين، نقي النشأة لست مثل بعضهم الذي يصنع من دقيق ملوث في مخابز عامة و يسمونهم خبز مدعوم! أشفق على حال هؤلاء جدا!! هم مثلي رغيف خبز مع الفارق طبعا فلا وجه للمقارنة! تبا لتواضعي!! مهلا مهلا جاء أحدهم ليأخذني ! يا الهي سيدة أنيقة فالمال قد رُتِّل بين ثيابها و مجوهراتها! انظروا الى رقتها و هي تحملني و تضعني داخل حقيبة تسوقها ! مرحى مرحى! عسل و مربى فاخر هذا ما يليق برغيف باهظ مثلي ! افطارٌ شهيٌ يا عزيزتي! هيا لنغادر المتجر الآن! يا الهي كم ان سيارتها جميلة و ها هي قد وضعتني كالأكابر بالخلف لتقود هي بي ! هيا فلتشغلي الموسيقى يا عزيزتي فلنستمتع قليلا ! ماذا؟؟! لمَ توقفت السيارة فجأة !! و الموسيقى قد خفت صوتها و كأنها قد ارتعبت من شيء مجهول! يد مليكتي رقيقة و هي تتقلب داخل حقيبة التسوق و كأنها تفتش عن شيء بجانبي! ماذا لقد أمسكت الجميلة بي و كأنها قد جاعت في رحلتها القصيرة الى المنزل ! و لكن لمَ
تفتح نافذة السيارة و مكيف الهواء ما زال شغالا؟!! انها تمدني للخارج ! ياللهول سأقع ! ماذا من هذا شحاذ؟؟؟!!! لا لا !!! لا تتركيني ... ماذا تفعلين.... يا الاهي لقد تلطخت بيديه المتسختين!!! يا عزيزي لمَ تتمسك هكذا بي ! لمَ تحتضنني ؟!!! أنا مجرد رغيف خبز و لا أملك أجنحة لأطير!! سيارة أخرى ؟!! أولست انا بكاف و كفي أيها الشحاذ الطميع تريد أن تجمع أفخر أنواع الخبز من أفخر السيارات ! يا إلاهي ما هذا الذي أراه خبز مدعوم ؟؟!!! في سيارة باهظة مع أناس يشبهون الملوك و الأمراء ! لا تتهمونني بالغرور فأنا لي الشرف أن تكون نهايتي في أفواه من أمتلكهم الجوع!!! فهم بحاجة إلي و هذه نهاية تليق برغيف خبز مثلي دع السمن و العسل للتافهين المدعومين ! فأنا و بطيبة قلبي لا أتخيل كيف لإنسان أن يكون حلمه هو امتلاك رغيف خبز ! فكيف و إن امتلكني !!! فتحية لي أينما كنت... آي آي أبعد أيها المتشرد أسنانك القذرة عني.......
"ايها المتواضع و المغرور نهايتكما واحدة و لكن واحدة بنكهة الحزن المكتوم و الأخرى بنكهة السرور المحتوم!"
بقلم رنا خليفة ✍
إرسال تعليق
0 تعليقات