«رصاصة واحدة لا تكفي» مونودراما مسرحية للكاتب المصري: يوسف علي
صوت: (لايوجد ما اكتبه ولا يوجد ما يستحق ان اكتبه ولا يوجد من يقرأ وان وجد لا يوجد من يقرأ ويفهم.)
غرفة صغيرة بها نافذة صغيرة تطل على الشارع مرتفعة عن الارض على يمين المسرح مكتب صغير خلفه كورسي خشبي ذو ثلاث ارجل بجواره شماعة للملابس يجلس شاب نحيف على الكرسي .
الشاب : ( محاولا التفكير وكتابة شئ ما ) " ما اصعب الامر على من يعرف الحقيقة وحده " .. لماذا لا استطيع التفكير الافكار تهرب مني كما تهرب الفراخ عند الذبح ( صمت ) اخبرني الطبيب النفسي انني اعاني من عقدة ما وان حل هذه العقدة هو ان اعبر عما برأسي ولكن كيف ؟ بالرسم ! فانا لم ارسم في حياتي غير رخيف خبز وكان مربع الشكل وعرفت حينها انني بليد في الرسم ... ولكنه اقترح علي ان اكتب فماذا انا بكاتب ؟ ( صمت ) عندما كنت صغيرا بدوت مضحكا .. بدوت ! لقد كنت مضحكا بالفعل كنت مضحكا لدرجة انه لا احد يدرك كم انا مضحك قدر ادراكي بذلك .. .مضحكا منذ ولدت وانا في المدرسة ثم الجامعة التي زادتني يقينا كم انا مضحك حتى وانا اكل اكل بخجل وكان احد كسر عيني .. وان اشتري الجرائد الورقية اعلم ان الناس يرونني مضحكا فهل هناك شاب يقراء الجرائد الورقية حتى عصرنا هذا ؟
حتى عندما اجلس مع فئة من الناس في محاولة بائسة مني لتكوين صداقات هشة عديمة القيمة كنت ابدو مضحكا في صمتي وفي كلامي حيث لم اكن اشبه احد منهم ولم اهتم لما يقولوه ولا لما يفعلوه لم افهمهم ولم يفهموني وعندما اصمت كانوا يظنون انني متذمرا من جلوسي معهم وفي احدى الامسيات وانا عائدا الى بيتي هذا كنت حزينا بائسا اشتريت مسدسا .. قال لي الطبيب النفسي انه خطر علي وعلي ان ابتسم واتفائل ( صمت ) كنت اعلم انه يراني مضحكا تذكرت كلمته تلك وانا موجه هذا المسدس الى رأسي فوضعته على الفور في درج مكتبي ( صمت ) ها هو مضجع ينظر الي يا بجحتك تريد ان تنهي حياتي البائسة ... اتريد ان تضع احدى رصاصاتك في منصف رأسي حيث تشتعل الافكار كالنيران المستعرة ! ولكن رصاصة واحدة لا تكفي اتذكر ذلك الليلة التي اشتريتك فيها ؟ كان الجو باردا جدا ( اظلام ثم بؤرة على يسار المسرح حيث يوجد عمود انارة ) امسكت فتاة صغيرة بيدي ففزعت فعلى عكس اغلب الشباب في مثل عمري لم يسبق لي ان امسكت بيد فتاة من قبل ...نظرت اليها فوجدتها تبكي وتتمتم بكلمات لم افهمها فنهرتها وقلت لها " ماذا تريدين ايتها الفتاة اليس لك اهل يرعوكي ام انهم ينجبون ويرمون " فبكت ورحلت واكملت انا طريقي ذاهبا الى البيت اتعرف على الرغم من كوني ارى ان لا شئ مهم في هذه الحياة ولا اكترث لا بالانسانية ولا احب البشر ولكن انتابني شعور غريب ..
ايقظت تلك الفتاة شئ ما بداخلي ربما تطلب المساعدة او حدث لها مكروة او كانت خائفة من شئ ما ولكنني كنت حقيرا مضحكا لم يكن هناك فرق بيني وبين مديري في العمل الذي طرد احد زملائي لكونه عبئا على الشركة في حين اتى باحد ابنا اخو ام صديق لشقيقه سرح زميلي قائلا له " لا شأن لي باولادك او حيات الشخصية انت عبئ على الشركة اذهب الان وحين تتحسن الامور سنرى اي مكان لك لتعمل فيه " ثم اعطاه خمسون عملة ...كم كنت بغيضا مثله انا حقا استحق ان اكون مضحكا لكنني لا املك شئ ..
لا املك غير ان اذهب الى منزلي والقي بجسدي على هذا الكرسي محدقا في سقف غرفتي الكئيبة المظلمة مستمعا للموسيقى الصاخبة الصادرة من محل اسفل العقار الذي اقتن فيه يعود لصاحبه صاحب السمعة السيئة والذي لا يجروء احد ان يقول له لم اسعارك مرتفعة الا وهب صاحب السمعة السيئة واقفا مطيحا بكرسيه قائلا " سأجعلك تندم على اليوم الذي ولدتك فيه امك " ثم ( صمت ويتحسس قفاة ) يحدث ما لا يسر القلب ... وها انت مضجعا في درج مكتبي تنظر الي واتي انا واخرجك ( يضع المسدس خلف اذنه) فجة ارى كل شئ بالقملوب ها هو الرجل سئ السمعة يكسر باب الشقة ويدخل تتبعه السيدة صاحبة العقار التي كنت ابغضها اكثر من الرجل سئ السمعة مولولة لما رأته وها ( صمت ) ها انا ذا ملقى ارضا مسجيا في دمائي ولكنني الان احلق عاليا اخرج الى عالم اخر غير العالم الذي كنت فيه عالم ملئ بالهدوء والسكينة هنا اناس طيبون احتووا حزني و شتات عقلي كل شئ هنا جميل جدا جميل لدرجة انني ايقن انني قبيح واقل من ان اكون جزءا من هذا العالم وحين سألني احدهم " من انت وما حكايتك " كذبت فتعلموا مني الكذب واستلذوه واصبح من عاداتهم ان كذبوا في المزاح وفي الحقيقة تلونت حياتهم القرمزية اللون باللون الاسود الداكن ثم تعلموا الخطيئة ثم الظلم ومن ثم الدمار ادركت حينها انني كنت سببا في هدم هذه المدينة الفاضلة ...
ادركت انني لست فقط حاملا لفيروس القبح بل انا الفيروس بنفسه دنائة هذا العالم تنبع من داخلي دفعني هذا الى عزمي على تخليص العالم مني فاخرجتك ( الى مسدسه ) ووضعتك مرة اخرى خلف اذني و ( صمت ) ولكن مازلت هنا في غرفتي مضحكا كما كنت ... ولكن اتعلم يا صديقي ( يضع مسدسه بالدرج ) سأضعك في الدرج مره اخرى وسأغير القبح وسأبدا من داخلي ... لانه رصاصة واحدة لا تكفي .
إرسال تعليق
0 تعليقات