«هناء بن قومار» تكتب: قد شغفها حبًا(2)
«هناء بن قومار» تكتب: قد شغفها حبًا(2)
الفصل الثاني
ملاك طاهر
خير الأطباء ، حفظة القرآن ،ثم اني أحببتها ، ما جعلني اطلبها من الله في كل سجدة اسجدها ، حتى انها صارت النعمة التي اشكره عليها بكرة وعشية !
كانت عنيدة في كل شيء لكن بشكل جميل جدا ، صحيح أنني غضبت من تجاهلها لي لكن يزداد حبي لها كل يوم ، وخصوصا لما أراقب مساعدتها للمرضى ،ادركت انها تحفظ القرآن كاملا وهذا سر الطيبة في قلبها وترتله غيبا عندما تتفقدهم ليلا لقد علمتني كيف اتغلب على المواقف العصيبة بالهروب للمصلى هناك وقراءة السور التي أحب كانت فريدة من نوعها حتى مواساتي حين افقد أحد مرضاي ، الى ان جاء يوم حصل فيه شجار في منتصف الليل امام المستشفى وخرجت لأفرق بينهم فدفعت يدي الثمن بجرح بليغ
عدت مدرجا بدمائي الى مكتبي ويال سعادتي عندما رأيت الخوف في عينيها ، لقد نسيت ان يدي بحاجة للخياطة وانها لم تخدرها حتى
لم اكن تألم لكثر الغرز فيها اكثر من المي عندما سقطت دموعها على يدي
- ستكون بخير ، لقد خطته جيدا وعقمته!
-لا داعي الخوف تحدث هذه الأمور ، لكن ما كنت ساسلمك يدي لو لم تتعلمي الخياطة ، سأفقد مهنتي للأبد لو اخطأت .
-كنت ستفقد مهنتك لو شاركتهم اكثر في الشجار
-ماذا!؟
-اخبرني احقا أنت في 29 من عمرك ؟!! لما تشاجرت معهم ، سكيرو منتصف الليل خطرون ، ماذا كنت سأفعل لو حصل لك شيء ؟
-هل أنت خائفة علي حقا؟
كنت انظر إليها بإندهاش، بينما لاحظت انها ابدت اهتمامها بي لترد
لم اقصد هذا لكن ساعاقب ان حصل شيء ، فلا أملك الرخصة بعد
أنت ملاك صغيرة بالفعل، أشكرك الله دائما وأبدأ على وجودك هنا
احمرت مجددا وغادرت تاركة اياي مع سعادتي العارمة، انها تهتم بي ، لكن تلك السعادة لم تدم عندما وجدتها صباحا تبحث عن المشرف الآخر
-ماذا حصل لماذا تبحثين عن مشرف آخر ؟
-اريد تجربة تخصص آخر !
- لا هذا لن يحصل
لوهلة بدأت اخاف ان ياخذها شخص آخر مني ، التفكير بالامر فقط جعلني مهووسا فماذا اذا حصل هذا حقا .
- لا أنا بحاجة لمساعدة ولن اتركك تذهبين .
-لديك مساعدات ومتدربات لماذا يجب ان ابقى هنا .
-هكذا لأني أريد والاعتراض ممنوع.
-يالك من عنيد .
-ماذا؟
-اجل أنت طبيب عنيد ، لم أفعل شيئا الا ورفضت ، لدي حصص تطببقية ساعود للجامعة
رمت كلامتها كوسادة ريش علي وذهبت ، وكالعادة تركتني اضحك ،ولان امي تحبني ودعت لي بالخير فقد وجدت تعليقا في صفحة المستشفى ومن الواضح انها صاحبته
-اذن فتحتجين على الاراء المشرفين .
تركت لها تلك الرسالة أنتظر الرد على احر من جهنم ، وأخيرا وجدت وسيلة أخرى التواصل معها، صرت اتلهف لأنهاء عملي بسرعة لاحادثها ، كنت أحب كيف تعبر عن شعورها عفويتها ، كل شيء فيها، حتى أنني ازددت سوءا وصرت اراقبها في الجامعة ايضا ، لم أحب ابدا نظرات زملائها الرجال ، اعترف انها جميلة جدا في المختبر لكنني امنع جنس المخلوق من النظر إليها أو حتى التفكير فيها .
ملاكي تخصني .
سئمت كوني مشرفها لسنتين وقررت اخبارها بحقيقة مشاعري ، قد تكون بلهاء في هذه الأمور خصوصاً انها لم تفهم معاملتي لها كما فهمها كل شخص حتى المرضى في العمل ، لكنني ساخبرها ولو كلفني ذلك كبريائي
لم استطع اخبارها بذلك وجها لوجه ، كنت ساسرح بمنظر العسل في عينيها وانسى نفسي ، أو ربما أفعل شيئا لا تحمد عقباه
راسلتها محاولا البوح بقلبي الذي ما عدت اقدر على التحكم فيه
-ملاك
-دكتور ! هلا أستعملت اسمي ، لدي اسم ثلاثي وبدات انساه
-هذا الاسم خاص بي ساناديك به عليك التعود
-وهل سيطول هذا؟
-الى الأبد ، أجل الى الأبد ملاكي ، اريدك معي الى حين تنتهي حياتي ، إلى ذلك اليوم الذي لا أستطيع فيه الرؤية لتكوني بصري ، والذي لا تعمل فيه اذناي فتكونين سمعي ، الى الساعة التي لا يعمل فيها قلبي فتكونين نبضه
...لم اتلق أي رد منها على الرغم من قراءتها الرسالة ، حاولت كثيرا بعدها لكن يبدو انها نامت أو اغلقت هاتفها ...
كانت تلك الليلة ثقيلة علي ، كليلة تخرجي ، أنتظر بلهفة وخوف ...على ان اشرقت شمس الصباح ، لم أدر حتى اللحظة كيف ارتديت ملابسي لكن ما أنا متأكد منه أنني كنت بجوربين مختلفين...انتظرتها في المستشفى ساعات ولم تأت !
أجل كانت تلك أول مرة يخيب فيها ظني لتلك الدرجة ، لم يكن ذلك يوما فقد تغيبت لاسبوعين حتى سئمت الانتظار وذهبت للبحث عنها ، جلت الكلية حتى تعبت قدماي ولا أثر لها
سئلت بنتا هناك ،
-اتعرفين ملاك؟ طالبة سنة ثانية بعيون عسلية عنيدة وتداوم في المشفى الجامعي
ضحكت البنت كانها عرفتها وباستغراب ردت
يا سيدي اعرف بنتا بهذه المواصفات لكن اسمها ليس ملاك !
تفطنت لنفسي ، بماذا أخبرت الفتاة بحق السماء ! ايقنت اني فقدت صوابي فاتجهت أين اخبرتني ولم اضيف حرفا ، خفت ان اخبر عن قلبي لكل الناس
كانت تجلس في الحديقة قرب الورد وتتصفح كتابا، أكبر من يديها الصغيرتين ، تأملتها مطولا حتى تنبهت لي وفورا ارتسمت علامات الخوف عليها، نهضت من مكانها تريد المغادرة ، تبعتها لكي امنعها
-ملاك ! لماذا تهربين مني !!!
-دكتور! هذه جامعة اتدرك أنني أدرس هنا رجاءا غادر لا أريد مشاكل
-ملاك ، هذا ليس موضوعي ما قصتك منذ اخر رسالة لم تعودي واقصدها حرفيا هربتي مني ، هل ازعجتك في شيء ؟
كانت تجيب دون أن تنظر الي، ايقنت انها فهمت قصدي وانها تعلم تماما ما أريد
كلا ! لكن أريد التركيز على محاضراتي لن اداوم حتى السنة الرابعة
اقسم ان قلبي انكسر حينها ، يا أطباء الجراحة القلبية لا تسيؤو فهمي لكن قلبي كسر حرفيا ، لقد كان ذلك رفضا قاطعا لي بلغتها !
- ماذا عني ملاك! ماذا عني
- ليس هناك شيء يربطني بك دكتور ،و
-و ماذا ملاك ...إن لم يكن عنك شيء يربطك بي فهناك قلبي !!! قلبي الذي لا أستطيع السيطرة عليه
تغيرت نبرة صوتها وكما سبق وذكرت هي سريعة البكاء ...رفعت ناظريها نحوي ، سلام على قلبي يا عسلها المشتعل بردا وسلاما علي
-انا اسفة لا أستطيع
دخلت لحيث الممرات وتركتني ، أو بالاحرى تركت شخصا آخر غيري ، شخصا بدأ يفقد نفسه تدريجيا
عدت الى المستشفى أجر نفسي جرا ، حملت مفاتيحي وعدت لمنزلي ، الفراغ صار قاتلا كان رد فعلها هو الأمر الوحيد الذي لم اكلف نفسي عناء التفكير فيه ، لم اتحمله لأنني فعلا أحببتها ، وأريد أن اكمل حياتي معها لا أستطيع بدونها ، لكنها لا تريدني ، حرفيا لا تريدني !!
مهلا لماذا كانت تبكي !!!
هل هناك سبب اقوى منها حتى ترفضني
غرقت في التفكير حتى غططت في النوم واستيقظت على صوت هاتفي
الصبح!!
بعدما فرغت من فرضي حاولت النوم لكنه هجرني هو الآخر ! ملاكي مستيقظة
دون مقدمات سألتها
هل هناك سبب لرفضي
لماذا لا تريديني
هل اذايتك في شيء
لماذا لا تحبينني !
تفاجأت أنها اجابت
ورحت أقرأ حروفها بلهفة :
لم يسبق ان احببت احدا من قبل ، ولا أظن ان احدا فعل ، لا يمكنني ان اكون معك ! على الاقل الآن ، أنت لست شخصا سيئا ، لكن لا يمكن ان أكون معك !
كنت طالبا ذا معدل ذكاء مرموق لكني لم افهم شيئا من حروفها ، كنت اريد ان تحبني بأي ثمن ولو كلفني ذلك الانتظار عمري كله ، كان يكفي أن أستيقظ على صوتها وانام عليها ويطمئن قلبي لنبضها معه!
سانتظرك !
تنتظرني ؟!؟
أجل سانتظرك الى اليوم الذي تحبينني فيه
لقد ارسلت قلوبا
هل اعتبر هذه موافقة منها !! لا ادري لكنني طرت من على سريري لعملي كنت انشط طبيب عرفته الجزائر في ذلك اليوم ، صحيح انها لم تكن تأتي للمنوبات لكنها لم تعد تتجاهل رسائلي ..كان هذا كافيا لأكون أسعد شخص في الوجود ، صحيح اني لم أفهم سبب خوفها مني لكني كنت احاول بكل أنواع الطرق الاقتراب منها ، الاقتراب من قلبها ..في احيانا كنت اشعر ان قلبها يستجيب لي وفي احيان اشعر انها بعيدة حد السماء عني ، في تلك الاوقات كنت اشعر بالوحدة الشديدة
على ذكر الوحدة قبل سنوات كنت معروفا عند أسرتي بالنرجسي الذي يستحيل ان تناسبه فتاة ، كانت امي يئست من مخططات تزويجي ووالدي نسي الموضوع اصلا، حتى انه انشغلوا باخي الذي سافر للدراسة خارجا ورجع وبيده زوجته !
كنت عكسه النقيض لا تغريني الفتيات وطوال حياتي لم اقع في حب أحد سواها ، كانت معجزة قلبي ودعاء امي في ليلة القدر
جاءت العطلة الصيفية وغادر طيف ملاكي لولايتها
بالمناسبة انها تقطن بولاية تبعد عني مسافة نصف يوم بالسيارة وساعة بالطائرة ، وان كنت سأذهب إليها فساستعمل الة الزمن ، كنت أطيق البعد عنها ساعات والان ما عدت أطيق بعدها ، شاركتني احلامي في كثير من الليالي ، كانت مؤنسا لي ، تعيدني للطريق الصحيح ان زحت عنه ، هي نصفي الثاني والتي اخترتها شريكة لحياتي ، اكثر ما احببت بها كيف تكتب عني ، هي لم تخبرني يوما انها تقصدني لكنني وجدت نفسي في كثير من سطورها ، تلك هي الاوقات التي ادركت فيها انها تحبني هي الاخرى لكن ترفض الاعتراف لنفسها لسبب أجهله!
الدخول الجامعي! سنتها الثالثة
كذلك لم تعد للمناوبة تماما كما سبق وقررت !
كنت اسرح بالمتدربات الجديدات هنا أبحث عنها بينهن ، علني ارتاح ويخف وجع قلبي
الى ان سأل أحد الزملاء عن حالي
- ما بك يا رجل
- عيناها
- ماذا؟
أجل كان خطبي عيناها ! كانت هي خطبي !ضحك الزميل ليرد
- اذن تزوجها يا صاح
- لا أظن انها ستقبل !
-اه منك أنت حقا لا تفهم شيئا في عالم النساء ! يااخي البنت ذكية وطيبة المعشر كما انها نشأت في عائلة طيبة ، يستحيل ان تقبل بقصص الحب السخيفة لكن الزواج رابط مقدس ، تقدم لخطبتها وستدعو لي
-اواثق؟
-اذهب يا صديقي قبل ان ياخذها أحد غيرك تلك عملة نادرة !
كيف لم افكر بهذا سابقا!! بالفعل لقد كان من الواضح انها تكره قصص المسلسلات السخيفة عن حبيبتي وحبيبي وما إلى ذلك ! بالفعل صدق من قال الحب أعمى ، قررت سؤالها عن الأمر وطلب معلومات والدها لاخطبها
-ملاكي أريد رؤيتك
-انا أدرس !
-هل آتي للجامعة اذن
-لا سأتي لمناوبة اليوم !
خرجت الى أقرب محل للورود ،اقتنيت باقة بلونها المفضل وعدت بها للمشفى ، ولحسن ايامي حتى الآن لم تصل بعد ، كنت ادرك انها تحب شكلي بملابس العمل ! باحت لي بهذا كثيرا لذا لم أرتدي طقما رسميا ، لوهلة لم أصدق عيني عندما وجدتها أمامي ، لم أرها منذ وقت طويل ، لقد ازداد طولها قليلا ، أو بالاحرى ازدادت جمالا !
-ملاكي! اشتقت لك كثيرا
كنت أراقب ملامحها تتورد أمامي وامسكت نفسي بصعوبة امنعها من معانقتها ، اهديتها الباقة وتركتها تلثم عطرها ولوهلة حاولت التفريق بينها وبين ذلك الورد
- شكرا !
- على ماذا ؟
- على الورد ، انه جميل جدا !
- ملاكي ! هل اخبرتك يوما كم احبك ؟
- أجل فعلت مرارا
- وهل تعرفين انت؟
- أجل أعلم واظن انك تعلم رأيي
- لم اعد أريد رأيك الآن ! لقد ازداد الأمر تعقيدا فكما ترين لم اعد أريد الاستمرار هكذا
ملامحها تجمدت لدرجة أنني احسست بأن نبضها توقف
ملاكي ، كنت احبك ولا زلت وأريد الاستمرار في حياتي معك ، شاركتني احلامك في مخيلتنا ! وكنت حلمي الوحيد ! ليس هناك معنى بعد اليوم لبعدك عني لأني اريدك شريكتي ونصف الآخر فهل تقبلين هذا الشاب الذي تغلب حبك عليه؟
ومجددا عسليتها تبللتا بالدموع ! انها حنونة حتى في طريقة حبها ؛ لكني شعرت بشيء غريب ، تلك لم تكن سعادة !!! ملاكي كانت حزينة ! أستطيع التمييز بين أنواع دموعها
رجحت الأمر لوساوس الخطوبة فالامر جرى على خير ما يرام وقد اتصلت بوالدها لتحديد موعد معه !
اعترف اني اخاف من حبك وكثيرا...اخاف ان اسلمك قلبي فتفعل به ما تشاء ...اخاف يا محترف المشارط..ان اكون ضحية لشيء مؤقت...اخاف يا ممتهن عشقي لا تلمني...لم اجرب الحب يوما..ولا اريد لتجربتي ان تبوء بالدماء والشرايين المقطعة...لا أريد لكحلوك ان يخدرني...ولا اريد ان اثمل بحبك... اريد أن اعيشه ...ان احياه واتنفسه...ان ارتوي به...ان اظمأ فتكون مياهي...اخاف فتكون الحامي...فيا ممتهن عشقي هلا عذرت مشاعري ؟؟
دعني بمفاهيمي الصغيرة اعيش عالمي الحقيقي..دون اذى يمسني مما اختار...
احب النهايات السعيدة...بحت لك بذلك يوما...
ولا اريد لقصتي ان تنتهي بدفنك في احد زوايا قلبي ومحقك من احد فصوص دماغي ..وبالتأكيد لا أريد ليدك ان تمسك يدي غيري ...ولا لبندقيتيك الجامحتين ان تنظرا للاخرى...
لا أريد لقلبي ان يحترق...وهي ليست انانية ..للمرة الألف لا تلمني لحفاظي على طهارة حبي...
قد شغفتك حبا أدري ...واعلم ان لغة العين هي آهات تترجم ما عجز عنه لسانك ، إنما الحب ان تخاف الله فيني...وان تخاف عليه حبا ولكل مقام مقال، احببتك رغم علمي انه مستحيل ، سمحت بقليل من السعادة لقلبي دون أن اجعلك تدرك !
لكن هيهات مع المحبين ، تستطيع اخفاء كل شيء عدا شعورك وها نحن نتجرع الكأس نفسها
لن يكفي اسفي ، لكن سيكفي حبي يوما ....
إرسال تعليق
0 تعليقات